بقلم د.أسامة الغزالي حرب
ثلاثة أسباب تدعونى للحديث اليوم عن كتاب «الإعلام المصرى و أزمة مياه النيل» الذى صدر عن دار العالم العربى عام 2014. السبب الاول، أن قضية مياه النيل و أزمة بناء سد النهضة فى إثيوبيا كانت محورا لإحدى الوقائع التى ألقت الضوء على ضعف كفاءة نظام حكم الاخوان فى مصر، والتى سقط بعدها بأقل من شهر، والتى تمثلت فى الاجتماع «السرى» الذى عقده الرئيس السابق د. محمد مرسى على الهواء مباشرة مع مجموعة من القيادات السياسية فى حينها فى 3 يونيو 2013 والذى شهد حديثا أقرب إلى الهزل حول تلك القضية الحيوية، وكان تأثيره سلبيا للغاية على العلاقة مع إثيوبيا. والسبب الثانى، أن قضية بناء سد النهضة الإثيوبى وتأثيره على تدفق مياه النيل إلى مصر لا تزال من القضايا الملتبسة على الرأى العام المصرى، ولم يفلح الإعلام فى تقديمها على نحو واضح للمواطنين مما يجعلها بحق نموذجا يحتاج للتصويب وتحسين الأداء فيه. أما السبب الثالث فهو إنسانى يتعلق بمؤلف الكتاب الشاب المرحوم جوزيف أنطون مسرى الذى كان نموذجا للاجتهاد والتفوق طوال مساره الدراسى، ثم كان الأول بمرتبة الشرف على دفعته بإعلام القاهرة فى مايو 2008 ليعين معيدا بالكلية، ثم حصل على الماجستير (التى هى أصل هذا الكتاب ) فى يونيو 2013 بتقدير ممتاز.غير أن جوزيف، الذى كان يعانى مرضا فى الدم، توفى فى ريعان شبابه ولم يبلغ عمره ثمانية و عشرين عاما! وليس بإمكانى سوى أن أهدى كلمتى عن هذا الكتاب الممتاز إلى روحه الطاهرة، وأن أدعو لقراءته كل متخصص فى الإعلام، و كل مهتم بقضية مياه النيل وتأثير المشروعات المائية على حوض النيل- سواء فى السودان أو إثيوبيا أو أوغندا أو تنزانيا أو الكونغو أو كينيا- على حصة مصر المائية. فلا شك أنه لا يزال لدى الرأى العام فى مصر التباس و عدم وضوح حول المخاطر التى تهدد مصر من مشروع سد النهضة و غيره، و أن جانبا من هذا الالتباس لا يعود للإعلام و إنما يعود إلى المسئولين عن هذا الملف فى الحكومة المصرية.إننى أكرر الدعوة لقراءة هذا الكتاب المهم ، الذى يوصى بتبنى خطاب إعلامى وطنى ملتزم يحيط المواطنين بأبعاد القضية، ويحترم الأطراف المشاركة فى حوض النيل و يلتزم بالحوار المتعقل معها، فى قضية هى فى صميم الأمن القومى.