د.أسامة الغزالي حرب
فى العلاقات الدولية هناك نوع من العلاقات شديدة الخصوصية بين بلدان معينة تتجاوز نظمها السياسية وتحتفظ بقوتها بالرغم من تغيرتلك النظم. إنها علاقات استراتيجية ترتبط بالمصالح العليا للدول. ولا شك أن فى مقدمة أمثلة هذه العلاقات الخاصة، بل ربما كانت إحدى الأمثلة الكلاسيكية لها العلاقات المصرية السعودية، فمنذ أن أنشئت المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود فى عام 1932، وسواء كانت مصر تحت حكم الملك فؤاد أم فاروق، أو تحت حكم محمد نجيب أو جمال عبدالناصر أو أنور السادات أو حسنى مبارك.. وسواء كانت السعودية تحت حكم الملك عبد العزيز أو سعود أو فيصل أو خالد أو فهد أو عبد الله أو سلمان... ظلت العلاقات السعودية المصرية نموذجا فريدا للعلاقات الاستراتيجية شديدة الخصوصية، شديدة الحيوية. والتوتر الذى حدث فى تاريخ العلاقات بينهما كان دائما طارئا، لتتغلب عوامل المصالح المشتركة الهائلة على كل المشاكل: فعندما حدث ذلك الخلاف أيام عبد الناصر، ذاب كل شئ عندما هزمت مصر فى 1967 وهرعت السعودية مع الأشقاء العرب الآخرين للوقوف بجانبها فى مؤتمر الخرطوم الشهير فى أغسطس1967 وعقب أن وقع الشقاق الكبير بسبب توقيع أنور السادات لمعاهدة كامب ديفيد، وإنشاء «جبهة الصمود والتصدى» قادت السعودية الجهود لإعادة العلاقات مع مصر عقب رحيل السادات.وفى ظل حكم الإخوان فصل السعوديون تماما بين احتضانهم لهم انسانيا وبين موقفهم الداعم للدولة المصرية بلا أى تحفظات. إن السعودية ومصر هما حجر الزاوية للنظام الإقليمى العربى وتحالفهما معا هو ضمانة قوة هذا النظام فى مواجهة تحديات ماثلة بقوة حولنا من قوى كبيرة لها طموحاتها وربما أطماعها مثل إيران وتركيا فضلا بالطبع عن إسرائيل. لذلك نرحب بكل قوة بـ«إعلان القاهرة» بين مصر والسعودية الذى صدر الخميس الماضى (30/7) والذى سوف يشكل نقطة مهمة فى تطور العلاقات بين البلدين الشقيقين، وفى دعم النظام العربى.