بقلم د.
من هو منير نعمة الله؟ لقد كتبت يوم الأحد الماضى عن رحلتى إلى سيوة فى أقصى شمال غرب مصر، تلك الواحة الفريدة التى اشتهرت فى التاريخ القديم بالزيارة التى قام بها الإسكندر الأكبر إليها منذ أكثر من 23 قرنا للالتقاء بكهنة معبد آمون بها، و كانت دوما مقصدا للرحالة و محلا لاهتمام الباحثين والمؤرخين عير التاريخ. ولكن سيوة المعاصرة، الحالية، مدينة بازدهارها وشهرتها السياحية لمنير نعمة الله! ولا أستطيع أن أصفه بأنه «رجل الاعمال»، فهو لم يتصرف فى سيوه أساسا بتلك الصفة، وإنما تصرف قبل ذلك كصاحب رسالة، و حامل لفكرة مبدعة، أراد أن يطبقها-مع عائلته الكريمة- فى سيوة. إن نعمة الله لم يذهب- و قد انبهر بسيوة- إلى إحدى شركات الفنادق االكبرى- وما أكثرها، ليبنى منتجعا للمسافرين والزوار والسائحين، وإنما ذهب إلى أهل سيوة ليبنوا هم بأنفسهم تلك المنتجعات، بنفس المنطق، ونفس التصميم، ونفس الخامات التى يبنون بها بيوتهم ومبانيهم..من النخيل، ومن الحجارة المحلية، ومن أخشاب الزيتون. ذهب إلى الصحراء، لا لكى يغزوها وإنما يصادقها ويتفاعل معها، لا ليقحم عليها زراعات الوادى وإنما يشجع قبل ذلك زراعاتها ومنتجاتها من البلح (التمر) والزيتون وزيت الزيتون الفاخرفضلا عن مصنوعات الملح».ذهب إلى أهل سيوة لا لكى يغير حرفهم و أعمالهم و إنما ليشجعهم على تطوير وتجويد خاماتهم ومنتجاتهم التقليدية الرائعة من مختلف المنسوجات والمفروشات والسجاجيد التى تجذب المشترين والزبائن من كل أنحاء العالم. غير أن نموذج منير نعمة الله يلفت نظرى أيضا إلى إحدى عجائب مصر! ففى كل بلاد العالم يألف الرأى العام، والناس، والأجيال الجديدة الحديث عن رواد الأعمال والمنظمين وأصحاب المشروعات الجديدة والمبدعة باعتبارهم نماذج تحتذى وجديرة بإلقاء الضوء على أعمالهم و إنجازاتهم، ولكن هذه النوعية من الرواد (ولا استعمل هنا-بالمناسبة- تعبير رجال الاعمال الذى ابتذل كثيرا) يتوارون فى مصر فى الظل، لأسباب ليست كلها مبررة، فى حين يطالع المواطن المصرى يوميا ويشاهد عشرات الأسماء التى تملأ حياتنا ضجيجا بلا طحن.غير أننى سوف اسعى - ما استطعت- الى كسر هذه الحالة، لأتحدث عن النماذج المشرفة والمبدعة و المنتجة مثل منير نعمة الله، الجديرة بكل تحية وتقديرواحترام.