بقلم د.أسامة الغزالي حرب
قول واحد، وبلا أى رتوش ولا تحفظات ولا تزويق، احتجاز يحيى قلاش نقيب الصحفيين المصريين فى قسم شرطة قصر النيل، ولو لساعات قليلة،
هو مشهد مؤسف غير مسبوق، وهو خطأ سياسى بالغ أسهمت فى صنعه الدولة والنقابة معا، هو ــ باختصارــ فضيحة! نعم، قلاش ــ مثل اى مواطن مصرى ــ ليس على رأسه ريشة، ومن البدهى ان يخضع للتحقيق والحبس فى أى قضية عادية، ولكن يحيى قلاش احتجز بصفته نقيبا للصحفيين، أى الممثل الشرعى للصحفيين الذين هم العمود الفقرى للصحافة المصرية. والصحافة فى كل بلاد الدنيا على رأسها ريشة ! فحريتها وازدهارها هما التعبير الأول عن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. إننى سوف أسلم بكل التهم التى وجهت وتوجه ليحيى قلاش وزملائه، وسوف اسلم بأنه أخطأ فى إيوائه اثنين من الصحفيين، كان يفترض تسليمهما للنيابة (ولو أنه أوضح ملابسات ذلك الموقف كله). وأضيف ايضا أننى أختلف مع يحيى قلاش فى التوجه السياسى، فهو ينسب للناصرية وللناصريين، أما أنا فأقول إننى ليبرالى مصرى. والفارق بين الناصرية والليبرالية كبير. ولكن قضية حرية الصحافة تتجاوز الاختلافات الأيديولوجية، كما أنها تعلو على تفاصيل تهمة «إيواء أشخاص مطلوبين للعدالة».. أو غيرها. ولذلك كله، فإن احتجاز نقيب صحفيى مصر، ومعه اثنان من أعضاء مجلس النقابة (خالد البلشى وجمال عبد الرحيم) ولو لمدة 24 ساعة أو أقل، فى قسم للشرطة، ولو بسبب عدم دفع قيمة الغرامة التى حكم عليهم بها، يسجل سابقة لا مثيل لها فى تاريخ الصحافة المصرية، مثلما يسجل فضيحة عالمية مدوية، فالعالم لن يسأل عن تفاصيل حكم الغرامة وتداعيات عدم دفعها، وإنما فقط سوف يشهد صورة النقيب وزميليه فى قسم الشرطة، وهذا بحد ذاته هو الفضيحة. ثم أنه أمر يشير- فى تقديرى- إلى انعدام مدهش للسياسة وللحس السياسى فى مصر اليوم، ولكن تلك قضية كبيرة أخرى!