بقلم - أسامة الغزالي حرب
يوم أمس (9 يناير) مرت أربعة وستون عاما على يوم لا ينسى فى ذاكرتنا، نحن جيل المصريين الذين شهدنا فى صبانا، وقائع إشارة البدء فى بناء السد العالى جنوب أسوان !..إنه يوم السبت 9 يناير 1960...! كان عمرى حينذاك ثلاثة عشر عاما، تلميذا بالسنة الأولى الإعدادية...، ولكننى كنت – مثل الغالبية العظمى من أبناء جيلى، بل من غالبية الشعب المصرى– مشحونا بالمشاعر الوطنية التى فجرتها معركة بناء السد ...، بدءا من رفض البنك الدولى تمويل بنائه، ثم تأميم عبدالناصر لقناة السويس، ثم العدوان الثلاثى (البريطانى، الفرنسى، الإسرائيلى على مصر) فى أكتوبر ونوفمبر 1956. الذى استهدف بالذات مدينة بور سعيد (للسيطرة على القناة). ثم التواصل مع الاتحاد السوفيتى، القطب الدولى المنافس للولايات المتحدة والمعسكر الغربى، فى ظل نظام القطبية الثنائية الذى ساد العالم فى هذا الوقت. لم يطلب الاتحاد السوفيتى الانحياز إليه، ليقدم هذا الدعم، ولكنه بالقطع كان راضيا عن سياسة الحياد الإيجابى، وعدم الانحياز التى لعبت مصر الناصرية دورا مهما فى بنائها. وقدم الاتحاد السوفيتى كل دعم فنى ومالى لعملية البناء، التى تولتها بالأساس شركة المقاولون العرب المصرية العملاقة. هذه الوقائع بكل تفاصيلها تحفظها الغالبية العظمى من جيلى عن ظهر قلب. وإن نسيت فلن أنسى الرحلة التى قمنا بها- نحن طلاب السنة الثانية بالمدرسة التوفيقية بشبرا- إلى أسوان فى يناير 1964 وشهدنا فيها عن قرب أعمال بناء السد العالى التى كانت تتم بدقة شديدة، تسجلها لافتة (باق من الزمن... كذا يوم!) وكانت أيضا تحكيها الأغنية الشهيرة لعبدالحليم حافظ كنا ها نبنى وادى احنا بنينا السد العالى بكلمات وألحان الراحلين الكبيرين: أحمد شفيق كامل وكمال الطويل. تاريخ وذكريات رائعة، أتمنى مخلصا أن ننقلها للأجيال الجديدة، التى يحوطها ويقسمها ضباب تربوى وتعليمى، كثيف، متعددة ألوانه, وربنا يستر!