بقلم د.أسامة الغزالي حرب
اليوم هو شم النسيم، كل عام وأنتم بخير. وقد تعودت – مثل ملايين المصريين- خاصة فى شمال وشرق الدلتا أن أقضى هذا اليوم فى مدينة رأس البر بدمياط. وإذا كان شم النسيم يجسد- ثقافيا وتاريخيا- روح مصر القديمة ، فـإن رأس البر تجسد – جغرافيا- أكثر من أى موقع آخر- هوية شم النسيم! لماذا؟ أولا لأن الطقس الأساسى لشم النسيم ، منذ آلاف السنين- هو خروج المصريين للحدائق و الحقول فضلا بالطبع عن الاستمتاع بالنزهة فى النيل الخالد نفسه. ورأس البر تقع على مصب النيل عند دمياط ، وتجمع بالطبع بين الحقول و النيل والبحر! بل إن عبقرية موقع رأس البر (منذ أن اكتشفها العالم الألمانى كوخ فى عام 1830 فى عهد محمد على) أنها لسان برى رفيع يمتد فى داخل البحر، فتنظر يمينك لترى النهر، وتنظر يسارك لترى البحر، فى مشهد لا يتكرر مثيله فى العالم. ولأن شم النسيم يرتبط منذ عهود الفراعنة بسمك "البورى" الذى يتم حفظه بالتمليح (الفسيخ) فإن أفضل أنواعه يصطاده أبناء دمياط فى رأس البر وعزبة البرج من البحر المتوسط بواسطة اسطول الصيد العملاق لديهم، ثم هناك ملحقات الفسيخ من البصل والخس والملانة أو "الحمص الاخضر" والبيض المسلوق ، وكلها اطعمة اكتشف الفراعنة فضائلها الصحية فضلا عن دلالاتها الرمزية والدينية لدى المصريين القدماء. لذلك كله، ليست هناك مبالغة فى القول أن رأس البر مدينة مصرية بامتياز ثقافيا وتاريخيا وجفرافيا، وبالتالى فإن الحفاظ عليها وعلى طابعها وتراثها أمر ينبغى تأكيده. ولكن يبقى السؤال هل هناك مشاكل تعانى منها رأس البر؟ أقول نعم، ولكن ذلك له مجال آخر.