بقلم د.أسامة الغزالي حرب
حادثة مركب رشيد،التى غرقت فى مياه البحر المتوسط صباح الأربعاء قبل الماضى (21/9) و التى ما تزال تفاصيلها الكارثية تنهال علينا، تجسد كل نواحى القصور والخيبة التى تعانى منها مصر أم الدنيا والتى نحلم بأن تكون قد الدنيا.. ولكن التمنيات والأحلام شىء والواقع المر شىء آخر. فأم الدنيا- كما توحى بذلك مأساة مركب رشيد- طالها العجز والشيخوخة والوهن.. وأعتقد أننى لا أبالغ فى حديثى هذا على الإطلاق! فتلك الحادثة تجسد كل أو أغلب نواحى القصور التى نعرفها و نلمسها فى حياتنا و ممارساتنا اليومية. إنها أولا تنبهنا إلى الوطأة الثقيلة لحالة البطالة التى يعانى منه ملايين الشباب، يستوى فى هذا من تعلم منهم وحصل على شهادات متوسطة أو عليا، ومن ظل أميا لا يفك الخط. فكلهم أعياه البحث عن عمل، فتيقن ان نجاته سوف تكون بالفرار من بلده. وهى ثانيا تعكس حالة الفوضى الفريدة التى تجعل سماسرة البشر يعيثون فسادا بلا ضوابط أو رقابة، فى ممارسات هى أقرب ماتكون إلى تجارة العبيد. ويرتبط هذا كله ثالثا- بفساد لا حدود له يسهل لأولئك السماسرة التحايل على اللوائح والقوانين.. فبالرشوة والفهلوة يمكن عمل أى شىء فى المحروسة! ويرتبط ذلك كله ــ رابعا ــ بانهيار سلطة القانون، التى جعلت مصر ــ كما قال رئيسها- «شبه دولة»! فالدول ترتبط قيمتها و هيبتها بسيادة القانون و بسريانه وهيبته. وأخيرا فإن تلك الوقائع كلها ترتبط بحالة سائدة من الجهل وانعدام المعرفة... تجعل الإنسان عاجزا عن تقدير المخاطر الجسيمة لسلوك انتحارى بامتياز، وترتبط بتفكير تواكلى قدرى خاطئ تجعله يقلل من مخاطر اجتياز تلك المغامرة الانتحارية. وبهذه الحادثة تدفع مصرللأسف للحاق بالدول الفاشلة التى كان مواطنوها مع الركاب المصريين أى السودان والصومال و إريتريا! إن ما غرق فى البحر أمام رشيد لم تكن «مركب»، بل هى مصر كلها!