بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
على مدى الاسابيع القليلة الماضية، جرى حوار ساخن داخل النخبة السياسية المصرية حول الاتفاق المصرى السعودى بشأن جزيرتى تيران وصنافير، ثم انتقل هذا الحوار إلى الشارع المصري...ولقد تابعت مليا هذا الحوار، ليس فقط من حيث مضمونه، وإنما ايضا من حيث دلالته على طريقتنا فى إدارة وممارسة الحوار حول قضايانا العامة. وقد خرجت بانطباعات أحب أن اسجلها هنا: أولا، أن هناك نوعا من الرفض أوالمقاومة لتقبل فكرة الحوار الموضوعى المتكافئ فى قضية ليست ابدا قضية آراء أوميول أوأمزجة. إنها قضية خلاف حدودى بين دولتين يحسمه أساسا خبراء القانون الدولى وقانون البحار والمياه الإقليمية والتاريخ...إلخ. إن هناك أكثر من مائة وخمسين نزاعا حدوديا، بريا وبحريا، فى العالم، لا تزال قائمة تبحث عن حل ، وهناك نحو ستين نزاعا تم حلها . والنزاعات التى لم تحل القليل منها معروف وشهير إعلاميا، مثل النزاع بين اسبانيا والمغرب حول سبتة ومليلة، والنزاع بين اثيوبيا والصومال حول منطقة أوجادين، أوالنزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول ناجورنوكاراباخ، أوالنزاع الشهير والمرير بين الهند وباكستان حول جوامووكشمير، أوالنزاع بين روسيا واليابان حول جزر الكوريل. وهل نسينا النزاع العراقى ـ الإيرانى حول منطقة شط العرب الذى كان سببا فى اندلاع الحرب العراقية الإيرانية ...إلخ. وفى النزاع حول تيران وصنافير لكل من الطرفين أدلته وأسانيده القوية. ثانيا، أعتقد بالتالى أنه لا يماثل سخف وتفاهة بعض الذين يتهمون من يرون سعودية الجزيرتين بالخيانة! إلا سخفا وتفاهة من يتهمون المدافعين عن مصرية الجزيرتين بأنهم مأجورون ومعادون للدولة! انطباعى العام الذى تأكد بهذا الحوار، أننا كمجتمع وكأفراد، لانزال بعيدين- لأسباب تاريخية وثقافية- عن استيعاب قواعد وتقاليد الحوار الديمقراطي، البعيد عن اتهامات الخيانة والرشوة والعمالة!