بقلم : أسامة الغزالي حرب
يبدو أن الأحداث والتطورات المثيرة والدرامية التي تمر بها المملكة العربية السعودية هذه الأيام سوف تظل معنا لفترة غير قصيرة. وقد تأكدت من ذلك عندما سعدت بتلبية دعوة كريمة من السفير السعودي بالقاهرة أحمد القطان (الذي يمثل بذاته ظاهرة خاصة جدا سعودية- مصرية) لحضور احتفال ملتقي «رياض النيل» واحتفائه بالأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود (61 عاما). ولم يكن من الصعب أن تكتشف من السيرة الذاتية للأمير أنه من ذلك الرعيل من الأمراء الذين يحملون أولا مودة خاصة لمصر عندما قال..«لقد تربيت علي الثقافة المصرية،
غير أن الأهم من ذلك هو أنه يقدم نموذجا ملفتا للتغيير الايجابي الكبير الذي يحدث في السعودية، ليس فقط لما يحمله من مؤهلات علمية من جامعتي دنفر وسيراكيوز في الولايات المتحدة، ولا لأنه كان في شبابه (29 عاما) ضمن فريق رواد الفضاء في المكوك الفضائي ديسكفري عام 1985.. ولكن الأهم من ذلك وما لفت نظري بشدة هو حديثه في موضوع – واضح أنه اهتم به لفترة طويلة سابقة- هو تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام.
وبالقطع، فإن هذا الموضوع هو محل دراسة لعلماء التاريخ والأنثروبولوجي المتخصصين في العالم، ولكن أن يهتم به أمير سعودي بارز ومثقف ويقول لنا إن للجزيرة العربية تاريخا مهما وتراثا غنيا يعتد به قبل الإسلام، فذلك هو الشىء الجديد والمثير والمهم. رسالة الأمير الواضحة هي أن الإسلام لم ينزل في أرض مفرغة من الحضارات أو المعرفة أو الأخلاق أو القيم العربية الأصيلة. وقال الأمير الذي يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني هل دورنا فقط التنقيب عن الآثار...أم يفترض ان يكون أكبر من ذلك؟ الأمير سلطان نموذج بارز للتغيير الذي تشهده السعودية ليس في ميدان السياسة أو الاقتصاد، وإنما في ميدان أكثر أهمية وإثارة، في مجتمع كان نموذجا للمحافظة والتشدد، هو ميدان الثقافة والفكر!