بقلم د.أسامة الغزالي حرب
فى كلمته يوم الخميس الماضى (5 مايو) بالفرافرة، قال الرئيس السيسى انه عندما كان بعض المواطنين يرحبون به فى الإسكندرية هتف أحدهم «ما تخافش إحنا معاك»، وقال إنها كانت كلمة غريبة، مذكرا بمواقفه القوية والحاسمة المعروفة ضد الإخوان،
والتى انتهت بإزاحتهم تماما، و كرر السيسى عبارة أنه لا يخاف تسع مرات. غير أن هذا الموقف يغرى بطرح سؤال هام، وهو: هل يفترض ألا يخاف السياسي؟ إننى أعتقد أن ذلك الموقف من الرئيس السيسى يرتبط أساسا بخلفيته العسكرية، أكثر منه بهويته المدنية الحالية! فالعسكرى فضيلته الاساسية هى الشجاعة، اى عدم الخوف او التردد فى مواجهة المخاطر. أما السياسى فإن فضيلته الأساسية هى الحكمة، بما يرتبط بها من حذر ودهاء. الخوف يحمى السياسي، ولكن الخوف يشل العسكري. إذا تهور السياسى وتخلى عن الخوف و الحذر فإنه قد يخسر بل وقد يفقد حياته، ولكن إذا خاف العسكرى فهو يفقد قدرته على المبادرة ومباغتة العدو، ويكون عرضة للهزيمة والانكسار. وبالرغم من أن الحرب هى امتداد للسياسة- وفق المقولة الشائعة للمفكر الاستراتيجى الألمانى كلاوزفيتز- إلا ان قواعد الحرب وعواقب الفشل فيها،تختلف عن قواعد السياسة والفشل فيها. الفشل فى الحرب معناه الهزيمة، ومعناه الخسارة الكاملة، هى مباراة صفرية إما ان تنتصر أو تنهزم! ولذلك فهى تستلزم الشجاعة والإقدام، اى عدم الخوف! أما فى السياسة فإن الخوف يعبر عن الحيطة والحذر، ويعبر عن المرونة والقدرة على اتخاذ المواقف المتغيرة عبر سياسات الاحتواء او التكتل والمناورة.. إلخ و لذلك فعندما يقول الرئيس انه لا يخاف فهو يتحدث بخلفيته العسكرية أكثر من هويته السياسية.غير أنه-فى إدارة العملية السياسية - يكون الخوف، بمعنى الحذر و تقدير العواقب المحتملة، والتصرف وفق الظروف المتغيرة، فضيلة محمودة. ألم نسمع العبارة المأثورة عن السياسى العربى الداهية معاوية بن أبى سفيان عندما سئل عن سلوكه فى حكمه طوال اربعين سنة : «لو أن بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها». ذلك هو الخوف المشروع، او الحذر والحكمة والقدرة على المناورة.