بقلم د.أسامة الغزالي حرب
بانتهاء امتحانات يوم الخميس الماضى (16/6) تكون قد انقضت خمسة أيام من امتحان الثانوية العامة، والتى شملت: الدين، واللغة العربية واللغة الانجليزية (ورقة أولى)، والاحصاء والفيزياء والكيمياء للقسم العلمى، والتربية الوطنية و علم النفس والاجتماع والفلسفة والمنطق للقسم الأدبى... ويتبقى خمسة أيام للامتحان، فضلا عن امتحان الدين الذى سوف تتم اعادته، إلى نهاية هذا الشهر. وللاسف الشديد لم يسلم أى من الامتحانات التى انقضت، من تسريب اسئلته على نحو غير مسبوق فى تاريخ هذه الشهادة العتيدة فى نظام التعليم المصرى، فالتسريب كان شاملا، وبالتالى فإنه يثير الشكوك والاحتمالات حول تكراره فى الأيام القادمة. والتسريب ــ فى كل الحالات ــ لم يحدث فى منطقة واحدة أو فى محافظة واحدة، ولكنه شمل أقاليم مصر كلها بدرجات متفاوتة. والتسريب لم يشارك فيه الطلبة الفاشلون فقط، وإنما شاركت فيه عائلاتهم وأقاربهم وأصدقاؤهم، وتظاهروا وتذمروا من أجل إتاحة “حق الغش” للجميع! والغش فى هذه المرة لم يكن عملية بدائية يقوم فيها الطالب البليد بكتابة المادة بخط منمنم على وريقة صغيرة (برشامة!) و إنما تعتمد على أجهزة اتصالات معقدة (المحمول، والبلوتوث، والانترنت...) وسماعات دقيقة توضع أو تزرع فى الأذن بواسطة أطباء أقسموا على الالتزام بأخلاقيات مهنتهم!، وغيرها من أدوات الاتصال الفائقة الصغر والتى يمكن اخفاؤها فى الملابس او تحت الشعر.... ويعنى ذلك ان اشخاصا اذكياء وخبراء اسهموا فى تدبير هذه الأدوات، بمن فيهم خبراء قى تكنولوجبا المعلومات و غيرهم، و ليس ايضا فى هذا أية غرابة، فالقاتل واللص والنشال والمزور والمرتشى والقواد كلهم أذكياء بطريقتهم الخاصة، ووفقما يتطلب نشاطهم! فضلا عن نشطاء على الفيس بوك يدعمون هذا كله. وفى توقيت حاسم وسريع تنقل أسئلة الامتحانات إلى معلمين وأساتذة (!) يضعون الاجابات النموذجية بسرعة، لتنقل للتلاميذ عبر الهواتف المحمولة وأجهزة البلوتوث وغيرها! إن ما يحدث فى الثانوية العامة ليس مجرد محنة أو انهيارلامتحان كان رصينا ووقورا وهاما فى تاريخ التعليم المصرى، وإنما هى محنة بل فضيحة للنظام التعليمى كله، بل وتمتد لتكون ــ كما قال الاستاذ الجليل د. احمد يوسف أحمد (الأهرام 16/6) محنة مجتمعية، بل محنة للدولة المصرية كلها. وللحديث بقية.