بقلم - د.أسامة الغزالي حرب
كان التحاقى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة، هو الأمنية التى كنت أتطلع إلى تحقيقها بعد الحصول على الثانوية العامة سنة 1965 من مدرسة «التوفيقية الثانوية» بشبرا، بالقاهرة! وتلاقت تلك الرغبة مع رغبات ثلاث من زملائى بالتوفيقية: أحمد يوسف أحمد (صديق عمرى منذ سن الثانية عشرة، وأستاذ العلوم السياسية المرموق)! وعثمان محمد عثمان (وزير التخطيط السابق الراحل) وعبدالقادر شهيب (الكاتب الكبير، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، ورئيس تحرير المصور الأسبق).
لقد كانت دفعتنا محظوظة بتتلمذها على بعض أكبر أساتذة الاقتصاد والعلوم السياسية فى ذلك الجيل، وأخص هنا بالذكر أستاذى الجليل الراحل د.حامد ربيع! لماذا أتذكره اليوم..؟ أتذكره لأنه غرس فى أذهاننا فكرة راسخة رائعة، دارت حولها محاضراته فى مادة «القيم السياسية» وهى أن «القيمة العليا» أو قيمة القيم، هى «الحرية» نعم...«الحرية»! إنها تسبق القيم الأخرى مثل العدالة والمساواة والعلمانية..الخ. وفى الحقيقة، وكلما تقدمت حياتى، ونضجت تجاربى، كلما اقتنعت أكثر وأكثر بتلك الحقيقة! لقد وردت إلى ذهنى تلك الخواطر وأنا أشاهد وأٌقرأ وأتأمل هذه الأيام المظاهرات والاحتجاجات التى تسود اليوم فى مدن وشوارع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية تأييدا لفلسطين وللقضية الفلسطينية، على نحو مدهش، وأصاب بالذهول القادة العنصريين فى إسرائيل، بل وأدهش الفلسطينيين أنفسهم! هل تعرفون لماذا؟ لأنها شعوب ومجتمعات عرفت واستوعبت وتربت على قيمة «الحرية» وكيف أنها تعنى ببساطة حق الشعب الفلسطينى فى أن تكون له دولته المستقلة، هكذا دون لف أو دوران، ويقولون لليهود الإسرائيليين بكل وضوح، إن حقكم الذى تطلبونه فى فلسطين، لا يلغى أبدا حق الشعب الفلسطينى فى وطنه. هذا أيها السادة تفكير ومنطق شعوب «حرة» تعرف وتقدر معنى الحرية!