بقلم - د.أسامة الغزالي حرب
لم أستغرب على الإطلاق المبادرة الكريمة والجريئة من جمهورية جنوب إفريقيا فى موقفها الرائع، والتى ربما فاجأت العالم كله الأسبوع الماضى، عندما رفعت قضية أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية فى قطاع غزة ! والتى لا أتصور وصفا أدق لرد الفعل الهيستيرى لإسرائيل وقادتها إزاء رفع تلك القضية من التعبير الذى قاله نورمان فينكلشتاين (أستاذ علوم سياسية أمريكى ـ يهودى بارز، معروف بمناصرته للقضية الفلسطينية) إلا أنها أصبحت دولة مجنونة! أقول...، لم أستغرب شخصيا تلك المبادرة، لأننى أعتز كثيرا بكتابى مستقبل الصراع العربى الإسرائيلى الذى صدر فى عام 1987 (أى منذ 36 عاما !) ورصدت فيه التشابه بين سلوك إسرائيل إزاء الشعب الفلسطينى، وسلوك الأقلية العنصرية البيضاء إزاء المواطنين السود، وفق نظام الفصل العنصرى البغيض الأبارتهيد الذى كان موجودا فى جمهورية جنوب إفريقيا، واستمر لمدة 46 عاما وانتهى فى عام 1994. ولا شك فى أن كفاح السود فى جنوب إفريقيا ضد الأبارتهيد كان نموذجا ملهما لكفاح الفلسطينيين ضد السياسات الإسرائيلية العنصرية وضد الاستيطان اليهودى فى وطنهم. كما أن دعم أيقونة النضال الإفريقى الكبير نيلسون مانديلا لكفاح الشعب الفلسطينى، كان قويا و حاسما، وعبر عنه مرارا بكل وضوح. و كان لقاء عرفات ومانديلا فى فبراير 1990 لقاء رائعا لا ينسى !وأخيرا هل تعلمون أن مدينة رام الله (العاصمة المؤقتة للسلطة الفلسطينية ) تحتضن تمثالا كبيرا لنيلسون مانديلا...، أرسل هدية لها من بلدية جوهانسبورج (عاصمة جنوب إفريقيا) فى أبريل 2016..؟ بعد ذلك كله...هل هناك محل للاستغراب من المبادرة التاريخية لجمهورية جنوب إفريقيا برفع القضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية ..؟ لا..، ليس هناك أى محل للاستغراب، بل فقط كل التحية والتقدير والاحترام !.