أسامة الغزالي حرب
التغطية الخبرية للجريمة البشعة التى وقعت بالإسكندرية يوم الاثنين الماضى (17/2) تثير لدى ملاحظتين حول التوصيف الإعلامى للجريمة، وحول وقائعها التفصيلية..
فيما يتعلق بالنقطة الأولي، لا أعرف على الإطلاق أهمية أو دلالة وصف الأسرة المنكوبة بأنها «مسيحية»؟ وهل لو كانت الجريمة نفسها قد وقعت لأسرة مسلمة كان الإعلام سيقول «مذبحة أسرة مسلمة»؟! قطعا لا.. أعتقد أن هذه إحدى نتائج التسميم الطائفى الذى عرفته مصر مؤخرا والذى يجب أن نتخلص منه. إن الأكثر موضوعية هو أن يكون الخبر: «مقتل أسرة بأكملها فى الإسكندرية» أو «مذبحة لأسرة بأكملها فى الإسكندرية» على أساس أن المأساة هى أن الجريمة شملت مقتل رجل وزوجته وشقيقته وابنه مرة واحدة، بصرف النظر عن كونها أسرة مسيحية أو مسلمة! أما وصف المسيحى فقد استدعى احتمال أن يكون القتل بدافع طائفى وهو ما جعل أحد المعلقين الإعلاميين يكتب: «إن مقتل أسرة مسيحية بهذا الشكل جريمة قذرة، وأن أبناء الوطن سيقفون معا للدفاع عن حقهم فى العيش بسلام»!! بل لقد صرح من وصف بأنه «قيادى شيعي» فى أحد المواقع الإخبارية (اليوم نيوز 18/2) بأن تلك الأسرة ذات الأصول السورية استهدفت من جبهة النصرة لأنها مؤيدة لبشار الأسد؟! الأغلب أن الجريمة وقعت بدافع السرقة من مجرم محترف ومدمن للمخدرات، وأنا هنا أشيد بالتعليق المسئول للمستشار أمير رمزى رئيس محكمة جنايات شبرا الذى استبعد فكرة الدوافع السياسية.أما فيما يتعلق بوقائع الجريمة، فإننى أسمح لنفسى بأن أسأل السيد مدير أمن الإسكندرية اللواء أمين عز الدين الذى نسب إليه أنه قال إن القاتل «كان على علاقة بزوجة المجنى عليه» هل هناك ياسيدى أى مصدر لإثبات هذه العلاقة غير أقوال القاتل نفسه؟ وأى تحريات سريعة وموثوق بها أثبتت تلك العلاقة؟ وأى شيطانة تلك التى تقتل زوجها وشقيقة زوجها، ثم تطلب من القاتل أن تنام لتستريح ؟! لست باحثا جنائيا، ولا مرشدا أو «مخبرا» ولكنى مواطن عادى تقديرى المتواضع هو أن ذلك المجرم ،المحترف والمدمن، الذى ذهب للسرقة، وقتل الأسرة كلها بدم بارد، أراد أن يخفف من جريمته ويشرك آخرين فيها، فاخترع حكاية العلاقة بسيدة متزوجة فى أسرة شهد جيرانها بأنها طيبة. ولنتأن فى الحكم على سمعة الناس ، الذين أصبحوا أمواتا فى رحاب الله ، لا يمكنهم أن يدافعوا عن سلوكهم و شرفهم!
نقلاً عن "الأهرام"