أسامة الغزالي حرب
يبدو أن إحدى المزايا التى ترتبت على ركود النشاط السياحى إلى مصر، و»رب ضارة نافعة»! هو تشجيع السياحة الداخلية التى نقوم بها نحن المصريين فى داخل بلادنا، والتى لا يبدو أننا نعرفها كما ينبغي.
أقول هذا بمناسبة «رحلة» سياحية خاصة أتيحت لى إلى الفيوم يومى الجمعة و السبت الماضيين (22،21/2). فلم يسبق لى سابقا أن زرت الفيوم إلا لل»أوبرج» الشهير على ضفاف بحيرة قارون وتاريخه المثير مع الملك فاروق وضيوفه! ولكننى هذه المرة شعرت بالخجل من نفسي، حيث إكتشفت أننى للأسف، ومثل ملايين غيرى من المصريين، لا نعرف بلدنا كما ينبغى و كما تستحق. الإقامة كانت فى قرية فندقية رائعة أنشأها، و يسهر على كفاءتها ، مستثمر مصرى جاد، يدرك جيدا مايفعله ، ولكنه يعاني- مثل كل الآخرين- من الركود السياحى الذى أبتليت به مصر . والواقع أنك عندما تذهب إلى الفيوم فأنت لاتتعرف فقط على مصر المعاصرة أو القديمة، وإنما أيضا على مصر،بل العالم كله، ماقبل التاريخ! خاصة فى المحمية الطبيعية بمنطقة وادى الريان، و»وادى الحيتان» حيث هياكل الحيتان التى تعود إلى ملايين السنين وتعرض هناك بجهود عظيمة قامت بها اليونسكو. غيرأن ماشدنى بقوة أيضا هو اولئك الشباب الأكفاء، ذوو المهارات الفائقة من قائدى سيارات «الدفع الرباعي» المخصصة للسير فى الرمال، والصعود والهبوط على تلالها الصعبة بمهارة عالية. هذه الصورة المبهرة للفيوم تناقضها حقيقة مؤسفة، وهى أنها- كمحافظة- تقع فى ذيل منظومة التنمية البشرية فى مصر، بمؤشراتها الثلاثة:الصحة و التعليم و الدخل! وهو الأمر الذى يفسر حقيقة أن الفيوم تقع فى مقدمة المحافظات المستهدفة من الأنشطة الإرهابية للإخوان المسلمين. غير أننى أعتقد أن محافظ الفيوم الحالي، د. حازم عطية الله ، بحكم تخصصه كأستاذ للتاريخ و الحضارة،وتخصصه أيضا فى السياحة، يستطيع- أولا أن يتصدى للنشاط الإرهابى للإخوان، وتجفيف منابعه ، ويستطيع ثانيا أن يدفع الفيوم إلى المكانة التى تستحقها مصريا، ودوليا!
نقلاً عن "الأهرام"