د.أسامة الغزالي حرب
لا شك أن أهم مميزات أسلوب عمل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء هو اتجاهه القوى والحاسم نحو العمل «الميداني»، بما ينطوى عليه من متابعة للأداء على أرض الواقع،
والتعامل المباشر مع المشكلات والعمل على حلها ميدانيا وفوريا وليس بمجرد إخضاعها لدراسات و لجان...إلخ . هذا الأسلوب فى مصر، وبالذات فى ظروف ما بعد الثورة، مطلوب تماما، خاصة بالطبع فى مجالات عمل وزارات «الخدمات» مثل التعليم والصحة والإسكان ، وهو يعطى دفعة قوية وروحا جديدة بعد طول سكون وترهل أصاب تلك الخدمات. غير أن تطوير الأداء والارتقاء به فى تلك المجالات يتجاوز بكثير مسألة التفقد الميدانى و الزيارات المفاجئة، وإنما يستلزم بالأساس وجود تصور عام ورؤى وبدائل لحل المشكلات. وربما كان المثل الأبرز والأبسط فى ذهنى الآن هو حالة الفوضى الهائلة التى أصبحت عليها ميادين و شوارع القاهرة والإسكندرية وغيرها من عواصم المحافظات واحتلالها بجيوش الباعة الجائلين .إن حل تلك المشكلة على بساطتها المفترضة ليس أمرا سهلا، لأنه لا يمكن حلها بالطريقة القديمة، أى قيام سيارات «المحافظة» بإزالة تلك «الإشغالات» تاركة البائعين لمصيرهم المجهول! المطلوب هو حلول فعلية وحازمة وإنسانية فى الوقت نفسه! لقد قيل كلام كثير حول ضرورة تجميع أولئك الباعة فى أسواق شعبية فى أماكن وساحات يسهل الوصول إليها، وتتوافر فيها الخدمات اللازمة، على غرار مايحدث فى كل عواصم العالم و مدنه الكبري، مثل نيويورك ولندن وباريس وطوكيو....إلخ بعض تلك الأسواق تكون متخصصة فى سلع معينة، وبعضها يكون أسبوعيا أو دوريا، وهى تخضع للرقابة والإشراف الإدارى و الأمنى والصحى وغيرها. غير أن تطبيق تلك الأفكار فى ظروف المدن المصرية، حيث الأعداد الهائلة للباعة، وحيث لا تخضع غالبيتهم العظمى لأى تنظيم قانوني، هو أمر شديد الصعوبة، ولكنها تظل قضية واحدة وبسيطة من آلاف القضايا المطروحة، وليكن الله فى عون رئيس الوزراء!
نقلاً عن "الأهرام"