د.أسامة الغزالي حرب
هل تذكرون مسرحية "عفاريت مصر الجديدة" التى ألفها على سالم وعرضت على المسرح المصرى فى موسم 71- 72 أى فى الفترة بين هزيمة 1967 وانتصار 1973؟
لقد ظهرت فى تلك الفترة مسرحيات جريئة تنتقد الطابع الديكتاتورى للحكم، الذى كان سببا مباشرا فى هزيمة 1967 القاسية، وكان من بينها أيضا مسرحيتا يوسف إدريس "الفرافير" و"المخططين". لقد تذكرت "عفاريت مصر الجديدة" وأنا أشاهد الحلقة الأخيرة من "برنامج" باسم يوسف مساء أمس الأول (14 مارس) والتى كان يتهكم فيها و يسخر – بطريقته الجريئة المعتادة - من ممارسات فى حياتنا العامة بلا استثناء لأى مؤسسة أو لأى شخص. ومثلما قلت وسوف أقول دائما ، فإن باسم يقدم نموذجا جديدا وجذابا للنقد السياسي، وللسخرية السياسية غير المألوفة لدينا ولكنها تشير بلا شك إلى درجة عالية من النضج فى ممارسة حريات التعبير على نحو ينبغى ترسيخه وتثبيته كأحد المكتسبات العظيمة لثورة 25 يناير.
غير أننى مع الملايين الذين كانوا يتابعون "البرنامج" فوجئنا بالتشويش الذى حدث والذى أدى إلى استحالة متابعته فى بعض المناطق، وصحب هذا رسالة من القناة التى تذيعه تقر بوجود التشويش "من جهات مجهولة"! ولم يكن لدى تفسير سوى أن "عفاريت مصر الجديدة" قد عادت إلينا بعد أربعة عقود، ولكن بفارق كبير وهو أن عفاريت على سالم فى مسرحيته كانوا يخيفون الناس من خلال التهديدات السياسية واعتقالهم وبث الرعب فى قلوبهم، أما هذه المرة فقد شاهدنا بأم أعيننا كيف استطاع عفاريت مصر الجديدة أن يشوشوا على برنامج باسم فعليا، وليس فى أداء مسرحي، بل وكان العفاريت من المهارة و الحكمة بحيث قصروا تشويشهم على "البرنامج" دون الإعلانات المصاحبة له، إنهم- فعلا- عفاريت!
نقلاً عن "الأهرام"