د.أسامة الغزالى حرب
انتهت أمس اعمال القمة العربية بالكويت، قمة «التضامن من أجل مستقبل عربى أفضل»، القمة رقم 25 فى سلسلة «قمم» عربية طويلة.إننى مازلت أتذكر جيدا حتى اليوم وقائع القمة الأولى
التى عقدت فى يناير 1964 أى منذ خمسين عاما بالضبط عندما كنا فى أيام الصبا ـ متحمسين لجمال عبدالناصر ولندائه لقادة العرب بأن يحضروا فورا للقاهرة، ليتدارسوا معا مشروعات إسرائيل لتحويل مجرى نهر الأردن(وأذكر أنه فى ذلك الوقت، تم إعداد ممر خاص بين مبنى الجامعة العربية وبين فندق هيلتون الذى كان الزعماء يقيمون به!) لقد تولدت لدينا نحن أبناءجيل ثورة يوليو 1952 آمال هائلة أينعت وكبرت مع صعود عبدالناصر ومعاركه الصاخبة، ولذلك كان منطقبا أن ولد هذا المؤتمر الأول طموحات وتوقعات كبيرة بعد تكوين «قيادة موحدة» للجيوش العربية، خاصة مع الدعم المالى السخى الذى قدمته ليبيا والسعودية والكويت! ثم عقدت فى سبتمبر من نفس العام أيضا القمة العربية التالية التى افتتح بمناسبتها فندق «فلسطين» بحدائق قصر المنتزه بالإسكندرية!وفى تلك القمة الثانية أيد قادة العرب إنشاء «جيش التحريرالفلسطينى»! الذى أسهمت دول عربية عديدة فى تشكيله.
وفى واقع الأمر، لم يماثل عظم الآمال التى ولدتها القمم العربية الأولى لدينا ، إلا عظم الإحباطات التى ولدتها بعد ذلك بسنوات قليلة، فى 1967- الهزيمة القاسية والمهينة أمام إسرائيل، والتى جعلت «إنجازات» القمم الأولى مجرد شعارات وأوهام! ومع ذلك، فإن قمة الخرطوم التى عقدت بعد الهزيمة بشهرين فقط، وما صاحبها من استقبال شعبى حافل لعبد الناصر، كانت فى الواقع «النسخة العربية» من مظاهرات 9و10 يونيو فى مصر، عندما خرج أهالى الخرطوم عن بكرة أبيهم يرحبون بالقائد الذى هزم، ولتكون تلك القمة أساسا للإصرار العربى على الصمود باللاءات الثلاثة الشهيرة: لاصلح، ولاتفاوض، ولا اعتراف. لقد كانت تلك بدايات الطريق الشاق والجاد نحو نصر أكتوبر 1973.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"