د.أسامة الغزالى حرب
الزيارة «الإفريقية» التى قام بها المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، هذا الأسبوع، لها مغزى وقيمة لا يمكن إغفالهما! فالبلدان الإفريقية، من خلال «مجلس السلم والأمن» التابع للإتحاد الإفريقى ،
الذى يضم 54 دولة اتخذ موقفا رافضا لما حدث فى مصر فى30 يونيو 2013 ومابعده، معتبرا إياه «انقلابا» عسكريا على الحكم الدستورى للإخوان ود. محمد مرسى! وهذا الموقف للاتحاد الإفريقى يمكن تفسيره- وليس تبريره- بحقيقة أن غالبية البلدان الإفريقية عانت كثيرا من ظاهرة «الانقلابات العسكرية» التى بدت فى لحظة معينة وكأنها ملازمة لكل نظم الحكم الإفريقية جنوب الصحراء، غير أن هذه الخلفية أو«العقدة» لا يمكن أن تبرر الموقف من ثورة 30 يونيو التى كانت كانت حدثا ثوريا شعبيا بامتياز، أطاحت بحكم الإخوان ونزعت عنهم أية شرعية. ومصر لم تعرف أبدا «الانقلابات العسكرية» إياها ! وكما هو معروف، فقد أرسل الاتحاد الإفريقى «لجنة حكماء إفريقيا» برئاسة ألفا عمر كونارى، رئيس جمهورية مالى السابق، لتفحص الواقع فى مصر قبل أن تقول كلمتها. فى هذا السياق العام أتت زيارة محلب الإفريقية على قصرها - فى توقيتها تماما، فـ «تشاد» هى أقرب الدول الإفريقية لمصر غربا، وبالتالى فهى تدخل فى إطار «الأمن المصرى» بالمعنى الإستراتيجى المباشر،أما زيارة تنزانيا فلها دلالاتها الإيجابية للغاية بالنسبة للعلاقات المصرية الإفريقية، بعد طول إهمال! غير أن الأمر الذى قد لا يعرفه كثيرون هو العلاقات الإفريقية الممتازة التى رسختها أنشطة «المقاولون العرب» بقيادة محلب طوال العقود الماضية، والتى تتضمن سجلا مشرفا للبناء والتعمير، ليس فقط فى بلدان إفريقيا العربية كلها، وإنما فى إفريقيا جنوب الصحراء يشمل مشروعات إستراتيجية عملاقة فى نيجيريا وأوغندا وتشاد وغانا وبتسوانا وغينيا الإستوائية والكاميرون وبنين. لذلك كله فإننى أعتقد أن مشاركة محلب، بصفته رئيسا لوزراء مصر، فى احتفالات الذكرى الخمسين لقيام تنزانيا(كثمرة لاتحاد تنجانيقا وزنجبار) تنطوى على إشارة هامة لعودة مصر إلى «الدائرة الإفريقية» بتعبير«فلسفة الثورة». إنها خطوة موفقة لابد وأن تتلوها خطوات أخرى، كى تعود مصر الثورة إلى أحضان قارتها الأم!