بقلم د.أسامة الغزالي حرب
أكتب هذه الكلمات من عمان، عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، التى وصلت إليها صباح أمس الأول- الأحد- مدعوا لإلقاء محاضرة فى منتدى عبد الحميد شومان. إننى لا أتذكر آخر مرة زرت فيها عمان - وبالقطع كانت منذ مدة طويلة - غير أننى أحب هنا أن أسجل انبهارى بما شاهدته منذ اللحظة الأولى لوصولى إلى مطار الملكة علياء. حقا، إن العاصمة الأردنية كانت تتسم دائما بالنظام والانضباط، ولكن هذه المرة الأمر يزيد عليه ازدهارا وتقدما لا تخطئه العين، يتناسب مع الخبر السعيد الذى ذاع قبل وصولى إلى هناك عن فوز اللاعب الأردنى أحمد أبو غوش بالميدالية الذهبية فى لعبة التايكوندو ضمن مسابقات دورة الألعاب الأوليمبية فى ريو دى جانيرو. إن الأمر ليس مجرد فوز أحد اللاعبين بميدالية ذهبية (وهو الحدث الاول من نوعه فى تاريخ المملكة) ولكنه المناخ العام الذى هيأ لهذا الإنجاز، والذى دفعنى لأن أسعى لتفسير تلك الطفرة أو القفزة الشاملة التى حققها الأردن، وقد وجدت هذا التفسير فى حديث لفت نظرى، أدلى به الملك الشاب النابه عبدالله الثانى لمحطة (سى إن بى سى) الاقتصادية الأمريكية يقول فيه «بلدينا تاريخ على مدى عقود أثبت الاردن خلاله دائما قدرته على الحفاظ على استقراره فى الإقليم..... واقتصادنا نما بنسبة 3 بالمائة فى العامين الماضيين، ونحن نتوقع أن يبلغ معدل النمو 4 بالمائة خلال السنتين أو الثلاث المقبلة. ومن الشواهد كذلك أن احتياطياتنا فى البنك المركزى هى الأعلى تاريخيا». وفى نهاية الحديث لخص الملك سر الصعود الأردنى فى قوله: بسر نجاح الأردن هو الاستثمار فى رأس المال البشرى وهو أهم صادراتنا، وتتمحور رؤيتى البعيدة المدى بكاملها حول إعادة تلك القوة للأردن....هذا هو رأسمالنا، واعتقد ان هذا ما يميزنا عن الدول الأخرى. هل عرفتم الآن لماذا صعد الأردن، ولماذا سوف يستمر فى الصعود؟ وهل أدركتم أن فوز «غوش» لم يكن مصادفة، وإنما هو إحدى نتائج الاستثمار المخطط فى البشر؟