بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أخيرا سمعنا فتوى مستنيرة جريئة يمكن أن نضعها تحت بند «تجديد الخطاب الدينى»، وهى التى صدرت عن أمين الفتوى ومدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء المصرية الدكتور محمد عبد السميع. فوفقا لما نشر فى جريدة الشروق أمس (17/9) أجاز فضيلته للمرأة المسلمة التى تعيش فى بلاد غير إسلامية (يقصد بالطبع البلاد التى لا ينتمى غالبية سكانها للدين الإسلامى) خلع الحجاب ...إن كان ذلك يتصادم مع أعراف وتقاليد تلك الدول...إلخ إن أهمية تلك الفتوى هى أنها تنطوى ضمنا على التسليم بأن الملبس هو أمر يرتبط أساسا بالأعراف والتقاليد السائدة فى المجتمعات المختلفة. ويدفعنى ذلك للتذكير بواقعة سبق أن ذكرتها أكثر من مرة، وهى أننى عندما كنت فى زيارة للهند منذ ما يقرب من عشرين عاما، قابلت رئيسة البرلمان الهندى المسلمة «نجمة هبة الله»..وسألتها فى نهاية لقائى معها: كيف تلبسين- وأنت مسلمة- هذا الزى الهندى الذى يكشف شعرك وبطنك..؟ فردت ردا لا أنساه «أنا مسلمة الديانة وهندية الثقافة، والملبس ثقافة وليس دينا». وكان ذلك تعبيرا بليغا مقنعا، ففيما عدا رجال الدين، ليس هناك لبس مسيحى، أو لبس يهودى، أو لبس بوذى...إلخ وإنما هناك ملابس مختلفة تبعا لثقافات وتقاليد الشعوب هناك الملابس الهندية، والملابس الصينية، والملابس الإفريقية والملابس المكسيكية....إلخ غير أننا وجدنا فى ديننا من ربط الإسلام بالملبس، فحولوه بذلك من دعوة عالمية تتجه للناس جميعا، إلى دعوة طائفية محدودة، وبدلا من أن يندمج المسلمون فى مجتمعاتهم تحولوا إلى «أقلية» ذات زى خاص يميزها! ذلك أمر يتناقض مع عالمية الدعوة الإسلامية، ومع تسليم الإسلام بتعددية البشر.بالفروق بين الناس...«يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» (الحجرات:13). تحية للمجددين فى دار الإفتاء!