د.أسامة الغزالي حرب
المناظرة التى جرت مساء الجمعة الماضى (17/4) بين الباحث الإسلامى إسلام بحيرى، من ناحية، ود. أسامة الأزهرى عضو هيئة تدريس جامعة الأزهر و الداعية الإسلامى اليمنى الحبيب الجفرى ، من ناحية أخرى، فى برنامج «ممكن» للإعلامى المتميز خيرى رمضان على قناة سى بى سى، وبصرف النظر عن أى تفاصيل، هى حدث يستوجب الإشادة به والثناء عليه.
المناظرة- بحكم التعريف- تنطوى على مواجهة بين فكرتين أو حجتين أو وجهتى نظر متقابلتين، تجرى وفق قواعد محددة يتفق عليها. وبهذا المعنى فهى فى الحقيقة آلية ديمقراطية صميمة، بل إنها إحدى المراحل الإجرائية التى تتبع رسميا فى كثير من برلمانات الديمقراطيات العريقة، ففى مجلس العموم البريطانى مثلا، يتحتم أن يمر أى مشروع قانون بثلاث قراءات ، تتاح فى كل منها الفرصة لمناظرة (debate) حول فكرته أو موضوعه الأساسى، ونفس الآلية تقريبا تتبع فى الكونجرس الأمريكى بمجلسيه(النواب والشيوخ).أما القواعد التى تحكمها فهى تتعلق بموضوع المناظرة، وأطرافها، وإجراءاتها وسيرها.
فى ضوء ذلك، استطيع أن أقول إن المناظرة التى أدارها خيرى رمضان بمهارة و حياد، كانت بالفعل ممارسة ديمقراطية متميزة، و انطوت على مواجهة بين وجهتى نظر متعارضتين، لكل منهما أوجه قوتها و ضعفها. ولن أنزلق هنا إلى تقدير وزن كل من المتحاورين الثلاثة، ومدى تمكنه من حجته ووجهة نظره، فكل منهم كانت له نقاط قوته وضعفه، غير أن ما لفت نظرى أكثر هو الطرف الآخر، أى المشاهدين والمعلقين عليها، خاصة أنها حظيت بمشاهدة عالية وفق المؤشرات المعلنة، فلقد بدا أن الجمهور انقسم إلى نوعين: الأول، هو أولئك الذين تابعوها و هم يحملون وجهة نظر مسبقة، وهولاء أخذوا يشجعون الطرف الذى يؤيدونه
أما النوع الثانى فيشمل أولئك الذين تابعوها من موقف محايد فعلا، فكانوا قادرين أكثر على الحكم على المناظرة، وانطباعى هو أن النوع الأول كان هو الأغلب، فكان هناك مسبقا من هم مع البحيرى أو ضده، و كذلك من هم مع الجفرى والأزهرى أو ضدهما. ومع ذلك، وعلى اي حال، أعود لأشيد بقوة بتلك المبادرة الطيبة، و أن أحيى خيرى رمضان عليها وعلى إدارته للمناظرة، وللاختلاف الذى «لا يفسد للود قضية»!