د.أسامة الغزالي حرب
أشعر بالأسف والحزن للسقطة التى وقع فيها البرلمانى المحترم الاستاذ كمال أحمد، ليس فقط لمحاولته ضرب زميله فى المجلس بالحذاء، وإنما ـ وذلك هو المؤلم أكثر- لقوله انه مستعد لأن يكرر فعلته تلك! إن من الخطأ البالغ أن يخضع الإنسان ـ أى إنسان ـ لانفعالاته إلى هذا الحد...فما بالك إذا كان برلمانيا وسياسيا مخضرما مثل كمال أحمد؟ لا يا أستاذ كمال، هذا الفعل يسىء إلى البرلمان المصرى كثيرا، وفى الوقت الذى يزور فيه رئيس الجمهورية اليابان فى زيارة مهمة بلاشك، شوشت أنباء جزمتكم على أنباء تلك الزيارة ! وللأسف أضيفت تلك الواقعة الى النوادر التى أتحفنا بها البرلمان الحالى منذ افتتاحه بدءا من الأخطاء فى قراءة اللغة العربية و القسم الدستورى بل والآيات القرآنية ،..وحتى مطالبة عضو لزميلاته بارتداء زى محتشم واختيار اعضاء لرئاسة لجان فى مجالات بعيدة عن ممارساتهم...إلخ. لقد كنت أفكر- قبل واقعة الحذاء تلك- فى أن أكتب متسائلا: هل يعد مجلس النواب لاحتفال يليق باستكماله هذا العام مائة وخمسين عاما من عمره منذ انشاء مجلس شورى النواب فى عهد الخديوى إسماعيل عام 1866 ؟ فهل تلك ممارسات تليق بذلك التاريخ العريق؟ غير أن مسألة الحذاء تثير فى تقديرى مسألة أهم وهى أنها تعكس منطقا أو منهجا غير قابل للاختلاف مع الآخر! فقضية التطبيع مع اسرلئيل مثل اى قضية أخرى- تحتمل من يرفضها و من يقبلها، وإذا تصورنا جدلا أن 99% من المصريين يرفضون التطبيع فإن عليهم أن يحترموا ويقبلوا رأى الـ 1% الذين يقبلونه، تلك ألف باء الديمقراطية! ولا يستطيع أى شخص أيا كان أن يدعى أنه يمثل الشعب المصرى كله! خطورة هذا الحديث أنه مضاد- من حيث المبدأ- للفكرة الديمقراطية، وإذا لم يكن عضو البرلمان هو الحريص على الديمقراطية، وعلى حق أى مواطن ـ فضلا عن أن يكون نائبا بزميل له - فى أن يعبر عن رأيه، فمن إذن سوف يحرص على ذلك؟ إن للفيلسوف الفرنسى الكبير فولتير كلمته الشهيرة التى مضمونها «قد أختلف معك فى الرأى ولكنى على استعداد لأن أدفع حياتى ثمنا لحقك فى أن تعبر عن رأيك».. ولكننا هنا لن نطلب من أحد أن يضحى بحياته، فقط نرجوه ألا يستعمل حذاءه !