بقلم د.أسامة الغزالي حرب
فى أواخر عام 1966 عندما كنت طالبا فى السنة الثانية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، كان موضوع «البحث» الذى اخترت اعداده فى «قاعة البحث» التى كان يشرف عليها المرحوم الاستاذ د. سمعان بطرس فرج الله هو «دور الأمم المتحدة فى حفظ السلام»، وكان من بين المراجع التى رجعت إليها كتاب عنوانه «قوات دولية للسلام» تأليف د.مصطفى مؤمن، وهو عبارة عن دراسة تفصيلية موثقة لقوات الطوارئ الدولية التى أرسلت إلى مصر بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب العدوان الثلاثى على مصر فى 1956، والتى خطط لها ليستر بيرسون وزير خارجية كندا فى ذلك الوقت. فى هذا الكتاب، وفى سياق استعراض المؤلف للصعاب التى واجهت تشكيل قوة الطوارئ، تحدث عن الملاحة عبر مضايق تيران ومشاكلها، باعتبارها تتعلق بحق مصر فى ممارسة سيادتها على مياهها الإقليمية، وأشار إلى مذكرة من الحكومة المصرية للسفارة الأمريكية فى 28 يناير 1950 تقول فيها إنه «نظرا للاتجاهات الأخيرة من جانب اسرائيل التى تدل على تهديدها لجزيرتى تيران وصنافير فى البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة فإن الحكومة المصرية بالاتفاق التام مع الحكومة العربية السعودية قد امرت باحتلال هاتين الجزيرتين، وقد تم ذلك فعلا.....إلخ». أريد أن أقول حكاية الجزيرتين واحتمالية تبعيتهما لمصر أو السعودية أمر يمكن أن يكون معروفا لدى الدبلوماسيين و لدى الباحثين فى العلوم السياسية، ولكن ليس مفترضا أن يكون معروفا للفرد العادى، وبالتالى لم استغرب الاتفاق المصرى السعودى مؤخرا على تبعيتهما للمملكة، خاصة وأن اتفاقيات ترسيم الحدود بين الدول، والتى عرف العالم المئات منها فى كل القارات، لابد وأن تنتهى بالتوافق على مثل تلك التنازلات أو الصفقات. ولدى ثقة فى كفاءة دبلوماسيينا وخبرائنا القانونيين والعسكريين وأساتذة التاريخ، وبالطبع فى وطنيتهم ووعيهم بمصالح بلادهم.ثم يضاف إلى ذلك أن ترسيم الحدود جاء فى إطار اتفاقيات للتعاون الشامل بين مصر والسعودية، لذلك أدعو الرافضين والغاضبين إلى التمهل و التريث، خاصة أن ما تم هو فى الواقع هو «مشروع اتفاقية»، لن تسرى إلا بموافقة مجلس النواب عليها.