د.أسامة الغزالي حرب
منذ اللحظات الأولى التى تعرفت فيها على د. عمار على حسن، وأظنها منذ فترة ليست قصيرة، شعرت أننى أمام مثقف من طراز رفيع يوطد مكانه و مكانته بقوة فى عالم الفكر و السياسة و الأدب فى مصر،
و هو ما حدث و يحدث بالفعل. إننى أشعر أولا بتحيز خاص- له مايبرره موضوعيا- لخريجى كلية الإقتصاد و العلوم السياسية، جامعة القاهرة التى أنتمى إلى الجيل الأول من خريجيها، حيث تخرجت منها فى عام 1969. ولكن عمار ينتمى إلى جيلين بعدنا، فهو خريج 1989 ، وشتان ما بين تجربة الجيلين! فأبناء جيلى شهدوا- وهم فى العشرين من عمرهم هزيمة 1967 التى زلزلت مصر كلها وعانت من آثارها عقودا طويلة بعدها، أما عمار فهو ينتمى الى الجيل الذى ولد تحديدا فى تلك السنة، فلم يعرف عن الهزيمة إلا مايشبه ما عرفه جيلنا عن ثورة 1919 واستقلال مصر المنقوص. عاصر جيلنا منذ صباه عبد الناصر ثم السادات ثم مبارك، أما جيل عمار فلم يدرك عن وعى إلا مبارك تقريبا، ومع ذلك فإن وعيه واستيعابه لما حدث و يحدث فى مصر يتجاوز بكثير مجرد القراءة و البحث، و هذه تحديدا ميزة أن تكون باحثا و أديبا فى نفس الوقت! وقد أصدر عمار مايقرب من عشرين كتابا يدخل معظمها ضمن أدبيات علم الإجتماع السياسي، فضلا عن أعماله الإبداعية من روايات و مجموعات قصصية..إلخ. آخر ما قرأته لعمار كان مقالته الرائعة التى تفيض انفعالا و حماسا تحت عنوان "تجار الوطنية المصرية" التى أختم مقالتى ببعض سطور منها:"إذا كان هؤلاء الأفاقون الأفاكون المنافقون هم الذين يتحدثون باسم الوطنية المصرية، فعلى الدنيا السلام. إذا كان الجاهلون الذين أعطى كل منهم شاشة أو كاميرا أو ميكروفون أو صفحة فى غفلة من الزمن ، هم الذين يوزعون صكوك الوطنية و الخيانة على الناس، فعلى مصر السلام. إذا كان المخبرون النمامون الثرثارون هم الذين يحددون من هو المصرى و من هو عدو المصري، فعلى المصريين السلام". نعم صدقت ياعمار!