د.أسامة الغزالي حرب
المبادرة التى طرحها د. سعد الدين ابراهيم، بشأن مستقبل العلاقة بين الإخوان المسلمين والدولة المصرية، اطلعت على مضمونها فى حواره مع جريدة الوطن الجمعة الماضى (11/3) الذى قال فيه :«دعوت الاخوان خلال لقاءاتى معهم فى تركيا الاسبوع الماضى إلى ان يعلنوا التوبة والاستتابة، ويتقدموا باعتذار إلى الشعب المصرى عما بدر منهم خلال السنوات الماضية، وأن يكفوا عن استخدام العنف وينتهجوا السلمية فى أعمالهم فى مقابل أن تعفو السلطة المصرية عن جميع المسجونين الاخوان..... وأن تسمح لهم السلطات كذلك بالعودة للعمل العام الشرعى مرة أخرى من خلال القنوات الشرعية.»... إلخ. ولقد قرأت أيضا بعض ما كتب رفضا لتلك المبادرة مثلما كتبه الاستاذ مكرم محمد أحمد (الاهرام) و د. عمرو الشوبكى (المصرى اليوم) بالأمس (14/3) وأتفق تماما مع كل ما ذكراه. غير أننى هنا أطرح على د. إبراهيم وهو استاذ علم الاجتماع السياسى البارز- سؤالا بسيطا محددا «ما هو وزن الإخوان المسلمين فى الحياة السياسية والثقافية المصرية؟ ما هى نسبة مناصرى الاخوان فى مصر ذات الـ 95 مليون نسمة؟ ما هو ثقل الاخوان فى الحياة الثقافية المصرية؟ و هل يعبر الفكر الاخوانى عن روح الثقافة المصرية، وعن جوهر الشخصية المصرية، وما هى تجليات أو مظاهر ذلك؟ نعم، المصرى العادى متدين حتى النخاع منذ آلاف السنين، ولكنه ـ لهذا السبب بالذات ـ يرفض اى متاجرة سياسية بالدين، وثورته القومية فى 9191 قامت على فكرة أن «الدين لله و الوطن للجميع»! ولذلك لم يكن الإخوان أبدا غالبية فى مصر لافى العهد الليبرالى ولا فى عهد ثورة يوليو التى حررت أنت عنها يا د. سعد الكتاب المهم الشامل «مصر فى ربع قرن» الذى ظهر فى عام 1891 و لا نجد فيه إلا ذكرا ضئيلا جدا للإخوان. وهل حاولت يا د. سعد وأنت عالم الاجتماع ـ أن تسأل أحدا من المصريين العاديين الذين تقابلهم فى أى مكان عن الإخوان ورأيهم فيهم؟ المصرى العادى اليوم له مشاكله مع الحكومة المصرية ومع كثير من السياسات العامة الفاشلة للأسف.. وهو لا يفكر فى الإخوان ولا فى عودتهم! أما أوهام أن الإخوان هم القوة الأكبر والأهم فى مصر فقد يكون واردا عند بعض الدوائر الأمريكية والبريطانية لأسباب سياسية تاريخية ومصلحية معروفة ... فلماذا يا د. سعد هذا الحماس الزائد للإخوان...؟