توقيت القاهرة المحلي 17:48:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باسكال صوما: حبّ أكثر لقلبك الطفل!

  مصر اليوم -

باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل

طلال سلمان

أين تختزنين كل هذا الشغف، كل هذا العشق للحياة، كل هذه التجربة المريرة والقدرة على صياغتها شعراً، أيتها المرأة التي كنت أظنك طفلة فإذا أنتِ غارقة في لجة العشق، تتجرّعين مرارات الصد أو الهجر ولوعة الفراق قبل أن تسكبي قلبك على الورق شعراً مصفّى؟
] «كان حبك آخر نقطة/ تسقط على التراب/ بعد ذلك أتى المطر..»
] «كنت أريد أن أحبك، لكنني حزينة بما يكفي..»
] «الصمت أن تعجز عن فتح باب غرفتك، حتى للصلاة».

مَن علّمَك الشعر، أيتها الصغيرة التي اكتشفت، متأخراً، أنك قلب يمشي بساقين قصيرين وقدمين كانتا لحمامة قبلك؟
هو الحب، إذن، مَن أنضجك باللوعة والهجر:
] «هي رغبتي في الدوران حولك/ حين لا تكون هنا».

«كلهم لا يفهمون كيف تدور امرأة جميلة حول بحر مستطيل/ ليس هنا..».

هو الحب مَن أبكاكِ قهراً، ومَن أطال ليلك بالسهر، مَن جعلك سماء تعملين نهاراً في البكاء وتصيرين في الليل وسادة... وغيَّب أحلامك:
] «حين غادرت الريف على عجل/ قررت أن أتحول طريقاً في دقيقتين..

« خيبتي أنني لم ألتقِ بالماغوط/ ثم أن البحر كان دوماً يرثي حنا مينا..
«ربما ولدت متأخرة على الحلم..»
.. ولكنك ابنة جيل آخر، يا بنية، لا أنتِ مهجّرة من «القضاء السليب» اسكندرون، ولا أنتِ منسيّة عليك اقتحام الدنيا بالشعر، كابن السلمية.. فلتكوني أنتِ، فما الذي دفعك إلى الأطراف بينما بيروت تلتهمك ولا تبقي لك لحظة فراغ لاستذكار غيرها من العواصم المتوهجة بالشعر والنغم؟!
ربما أصير أقربَ إلى فهمك متى قرأت:
] «حين تكون هنا يتراشق الناس بالقبل، أطفال الشوارع يقرأون نجيب محفوظ..
و «/البحر يذهب إلى الكنيسة/ بثياب النوم/
«حين تكون هنا/ تبتسم لي الشوارع/ تحتضنني المدينة/ بيديك..»
ولكنّك تصعّبين الأمر عليّ مع كل «مربع» جديد من لوعتك:
] «الخوف حرب أيضاً/ هاتوا كل حروبكم وخذوا الحرب مني..
] «أنت والشعر ضدان/ كلما أحببتك تفلت مني القصيدة..»
... ولكنك رقيقة جداً، يا صغيرتي، أخشى أن تذوبي قبل أن تكملي الديوان:
] «لم أكن أريد أن أحبك/ يحدث أن تغتسل مدينة حزينة ببعض المطر..»
] «الخاتم ضيّق على حزني/ أهدني ابتسامة..»
] «في غرفتي سريران/ واحد لي/ والآخر لي أيضاً..»
ولكنّك لست «النحلة مسلوبة الجناحين تطيرين إلى العمق، ولا الشمس تعود أحياناً ـ رغماً عنها ـ إلى عالم يثقبها كلما استنار، وان كان عندك حزن يكفي لتدهسي العالم ولكنك لم تفعلي..» و»بقي خوفك من أن تخرج فاصلة من النص وتفضح كل شيء»..
تدهمك المأساة التي خارجك في «العواصف المنسية على أطراف العالم، وفي اللعب التي لم يعد لها أطفال والبطون التي تحوّلت قبوراً/ والخوف الذي يأكل أظافر الناس وأصابعهم ولون أعينهم وأعين العالم لأن هناك حزناً يكفي لتفتيت قلبك الكبير».
وكيف يكون «حظك الخمول أجمل ما في العالم» مع أن الحب «أن نتشابه إلى الحد الذي يجعلنا ظلاً واحداً؟ وعندك حزن يكفي لتدهسي العالم ولكنك لم تفعلي»؟
«أنت غريبة عن هذه البلاد»، هل هذا يكفي لكل الحزن الذي يفيض عن ديوانك الصغير مثلك، وأنت «تشترين أول رحيل أصادفه».. كأنك تخشين أن يسبقك أحدهم «إلى الرحيل المقبل».. مع أن في داخلك «شعباً يريد السقوط؟»
هي الوحدة إذن: «هل كلمت سقفاً فوق رأسك؟ ثم أنهيت بكاء طويلاً قائلاً: تصبح على خير؟».
تبلغ المأساة مع هذه الشاعرة التي «تريد موتاً ضاحكاً» مع ترنيمة الضياع الكامل:
] «سيدي في هذه الحانة رجل يخصّني/ سيدي أريد أن أدخل/ ـ لا نساء هنا..
«أخلع كندرتي عند الباب/ وأدخل عارية إن شئت/ وألبس حجاباً أو عمامة..
ـ لا نساء هنا! /ـ سيدي أدفع لك ثروتي/ أعطيك أساوري/ أهديك منزلي/ في الحانة رجل يخصُّني/ ـ أبداً/ خذ سيارتي، إنها جديدة/ هاك المفتاح/ في قريتي عصافير طليقة/ أمسّد سريرك، أكوي ثيابك/ أحضر لك الطعام/ أكتب بساتين اللوز لك أسجنها لك/ أشتري لك قميصاً جديداً/ أهديك لوحة جميلة، إذا شئت أعطيك نهداً من نهدي.. أو واحداً من الأصابع التي أحبها/ إنما سيدي، لا تردَّني خائبة..
ـ هاتي سيجارة/ هاك علبة، إنما سيدي في الحانة رجل يخصّني هلا أدخلتني؟

ـ هذه ليست حانة. انها جنازة. أدخلي..»
ولكن، لماذا أيتها الصبية، تشترين أول رحيل تصادفينه خشية أن يسبقك أحدهم إلى الرحيل المقبل؟ هل لأنك تكلمين السقف فوق رأسك، وتريدين موتاً ضاحكاً وهذا كل شيء.. وفي داخلك شعب يريد السقوط؟

لن أتورط في الوعظ. لن أنصحك كرجل عجوز يتأهّب دائماً لاصطياد من يمر به بالقول «أحبي اسمك». فاتركيه وشأنه في قلبك ولا تهربي من نفسك، والنبض يأتي دائماً.. فقط أنظري حولك، سترين الدنيا أوسع، ولا تحتاجين فيها إلى التخفي بل الحضور.

أنتِ من يتخفَّى الآن. وشعرك أقوى من أن يهجرك لتغرقي في النوم الطويل، وأقوى من أن يقفل بابك ولسوف تفتحين يدك مرة أخرى وستجدينه.. وعليك في مرحلة متقدمة أن تحبي اسمك. والقسوة لا تنتج الحب، والخرافة تظل خرافة أما الحب فيحتاجك لتكتبي ديوانه الجديد.
«العائدون من حزنهم/ كالذاهبين إليك»
«الحب أن أتركك وشأنك في قلبي»
القسوة، أحياناً، تعبير فج عن الحب، فاتركيه وشأنه في قلبك واكتبي له مزيداً من الشعر، وسيأتي النبض مرة أخرى، وفي كل قسوتك ستحبين أكثر.
فقط، أحبي نفسك أكثر: فعلينا في مرحلة متقدمة أن نحبّ أسماءنا.
طلال سلمان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل باسكال صوما حبّ أكثر لقلبك الطفل



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon