توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على هامش زيارة اليوم الواحد..

  مصر اليوم -

على هامش زيارة اليوم الواحد

بقلم طلال سلمان

لا بد، بداية، من توجيه تحية تقدير وامتنان للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على أنه قد وجد فائضاً من وقته لزيارة لبنان العائم في فراغ دولته، برأسها وسائر المؤسسات، برغم الظروف الصعبة التي فرض الإرهاب باسم الإسلام على فرنسا، بل وأوروبا جميعاً أن تعيشها مع بروكسل بعد باريس.. وقبل الضربة الثالثة التي قد يوجهها تنظيم «داعش» إلى الآمنين في بلادهم البعيدة عن... دولة خلافته المزعومة.

والشكر للرئيس الفرنسي موصول لإقدامه على زيارة واحد من مخيمات النازحين السوريين في قلب سهل البقاع (حوش الحريمه) ليشهد بعينيه «عينة» من مأساة هؤلاء الأشقاء الذين يتعمد نسيانهم أهل النظام العربي، ملوكاً وأمراء مذهبين، ويغفل عن الانتباه إليهم «مؤتمر التعاون الإسلامي»... علماً بأن النازحين جميعاً من المسلمين الأحناف.

ونفترض أن الرئيس الضيف قد توصل، بعد اللقاءات الحاشدة التي عقدها مع أركان الطبقة السياسية، علمانيين ورجال دين، إلى استنتاج محدد خلاصته: إن أهل النظام في لبنان أعظم فساداً وإفساداً من نظرائهم في فرنسا، بل وفي أي مكان من هذا العالم!
بل إننا نقدر أن الرئيس الاشتراكي (بالأصل) لم يستطع التمييز بين من يدعي أنه من أهل اليسار ومن يتباهى بأنه من أهل اليمين، إذ انتبه إلى أنهم يتشابهون مسلكاً ومنطقاً وقيافة إلى حد التطابق.. بل إنهم «شركاء» في المنافع وبينها ـ بل أخطرها ـ الأزمة السياسية المفتوحة على المجهول بعنوان الشغور في منصب رئيس الجمهورية في هذه «الدولة» التي تختلط في نظامها الفريد زعامات الطوائف بقيادات العصابات صاحبة امتياز استثمار الدولة، بمرافقها جميعاً.

ومؤكد أن الرئيس الفرنسي قد استنتج خلاصة بسيطة: إن «الفراغ» يشمل بنعمته الرئاسة الأولى والمجلس النيابي ومجلس الوزراء الذي نادراً ما يلتئم بنصابه الكامل، فإذا ما حدثت أعجوبة الاكتمال كان لا بد من استنفار الصليب الأحمر وسائر هيئات الإغاثة استعداداً لطوارئ الاشتباك الذي يتوعد به الكل الكل عند دخولهم إلى القاعة ـ الحلبة!

لم يتوقف الرئيس الفرنسي عند موقفه من النظام السوري، بل تجاوزه وهو يعلن تقديم «مساعدة» قد لا تكون عظيمة التأثير ولكنها عظيمة الدلالة.. خصوصاً إذا ما استذكرنا أن «مؤتمر التعاون الإسلامي» الذي يضم في عضويته أكبر مجموعة من أهل الذهب الأسود والأبيض لم يخطر في بال منظميه ومخرجي مقرراته أن يتكرموا بتكاليف سهرة من سهراتهم الباذخة، أو وليمة من ولائمهم التي لا تجد من يأكل الطعام المكدس فيها ـ بأناقة ـ فوق الطاولات المذهبة!

في أي حال، لقد حصل كل واحد من أهل النظام، رجل دين أو رجل سياسة لا فرق، على صورة تذكارية مع الرئيس الضيف، قد تنفع في حملته الانتخابية (إذا ما قدر لهذا الشعب المنقسم على ذاته أن يذهب إلى تلك الصناديق السحرية التي قد تخرج نتائج مغايرة للأوراق التي أُسقطت فيها)...

أما الرئيس الفرنسي فقد عاد من لبنان مشوشاً مشتت الفكر تائهاً في قلب غابة الاستنتاجات التي تعكس حجم التكاذب اللبناني المشهور دولياً عند مطالبة المسؤولين بموقف محدد من أية مسألة، فكيف بالانتخابات عموماً، رئاسية ونيابية، وحتى بلدية واختيارية، إذا ما كان القرار بأيدي هذه الطبقة السياسية التي تكره فعل الانتخاب إلى حد تحريمه، مفضلة عليه ترك «الدول» تقرر لنا ما يلائمنا باعتبارها أدرى منا بمشكلاتنا وحلولها، بشهادة الرئاسيات منذ الاستقلال وحتى اليوم... فكم من المرشحين قد بات واحدهم «رئيساً» واستفاق ليسارع إلى تهنئة «خصمه» بعدما وقع عليه اختيار «الدول» الراعية للاستقلال والسيادة والديموقراطية في هذا البلد الأمين!
وقصر الصنوبر شاهد (تم ترميمه بعد دهر الحروب الأهلية/ العربية/ الدولية في لبنان وعليه) على مسيرة الاستقلال والسيادة والديموقراطية منذ أن وقف على بابه الجنرال غورو محاطاً بكبار رجال الدين والأعيان في هذا البلد الأمين ليقرر بنبرة اعتزاز قيام «الدولة اللبنانية»، التي يداهمها الارتجاج مع كل انتخابات رئاسية، فتهرب من الاختيار إلى ملجأ الفراغ الآمن، واثقة من أن شعبها العنيد قد اعتاد أن يدبر أموره بدولة لها رئيس ومجلس نيابي وحكومة، وكذلك بدولة بلا رأس وبمجلس لا يكتمل نصابه وبحكومة كلما تلاقى أعضاؤها عاش اللبنانيون هاجس انفجار الحرب الأهلية بسبب مخصصات رئيس هذا الجهاز الأمني أو ذاك باعتبار أن المسّ بالمخصصات هو مسّ بحقوق الطوائف بالعدالة في توزيع المغانم..

عشتم وعاش لبنان الذي يتحدى الطبيعة فيواصل حياته بلا رأس، مستمتعاً بهذه الفرادة الكونية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش زيارة اليوم الواحد على هامش زيارة اليوم الواحد



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon