توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الأرمن والعرب وقرن من التشرد...

  مصر اليوم -

عن الأرمن والعرب وقرن من التشرد

طلال سلمان

من حق مواطنينا الأرمن ان يستذكروا، بوجع، حملة الإبادة التي شنتها جيوش السلطنة العثمانية عليهم في بلادهم، قبل مائة من السنين، فقتلت أكثر من مليون رجل وإمرأة وطفل، وشردت عشرات الآلاف منهم في أربع رياح الأرض..

ومن حقهم علينا أن نتعاطف معهم (كشعب وكمواطنين بيننا) تعاطف الضحية مع الضحية، خصوصاً وأننا ـ كعرب ـ نعيش محنة قد تختلف في معطياتها لكنها تتماثل في النتائج، لا سيما إذا ما اختصرت في أعداد الضحايا... مع فارق مؤثر وهو أن العرب كانوا ضحية مرتين في الفترة ذاتها: للاحتلال التركي ثم للتواطؤ البريطاني الفرنسي لتقاسم بلادهم في المشرق تحديداً... مع إضافة نوعية مميزة: وعد بلفور الذي أعطى فيه من لا يملك (وزير خارجية بريطانيا) من لا يستحق (الحركة الصهيونية) أرض فلسطين، وشعبها فيها.

وهكذا توزع البريطانيون والفرنسيون المشرق العربي، متعهدين «بزراعة» إسرائيل (بالقوة بعد الحيلة) في أرضه لتفصل بين العرب في آسيا والعرب في افريقيا بدولة إسرائيل العنصرية التي قامت بالحرب ولا تبقى إلا بها.

على ان عدد الضحايا العرب مرشح للازدياد، كما انهم يختلفون عن الأرمن بأنهم يخسرون ـ يومياً ـ مقومات دولهم التي أنشئت بما يناسب مصالح الغير وبمعزل عن معطيات التاريخ والجغرافيا والأصول والفروع والانساب.

بالمقابل فإن دولة أرمينيا قد خرجت من التجربة السوفياتية دولة موحدة، وهي الآن تستقطب اهتمام الشرق والغرب وقد أعاد أهلها بناءها لتكون دولة الأرمن حيثما تواجدوا... وهم قد توحدوا في الشتات على اختلاف أحزابهم وتنظيماتهم ومذاهبهم، وحفظوا هويتهم الاصلية متجاوزين أسباب الفرقة والانقسام، ثم تقدموا في «أوطانهم الجديدة» لنصرة المهددين في مصيرهم بخسارة الأرمن والهوية مثلهم، وهكذا برز من بينهم مناضلون قاتلوا الاحتلال الإسرائيلي مع مجاهدي الشعب الفلسطيني المظلوم واستشهدوا على ارض فلسطين أو في الطريق إليها.

وبرغم ان نفرا من الأرمن في لبنان، قد انساق مع بعض المتطرفين في محيط سكنه فانتمى الى تنظيمات وميليشيات طائفية زجت به في الحرب الاهلية ـ اللبنانية، الا ان الأكثرية الساحقة منهم لم تتورط فيها، كما ان قيادات ناضجة بينهم حاولت ان تلعب دور الاطفائي احياناً، والوسيط الحريص على وحدة البلاد وشعبها في غالب الأحيان.

اما العرب فتصرفوا ويتصرفون عكس ذلك تماماً: لقد انقسموا سياسياً، وبفضل انظمتهم، إلى حد الاقتتال وتدمير الأوطان.. وها هم الآن ينقسمون طائفياً ومذهبياً إلى حد تدمير الهوية القومية والدين الحنيف وإلحاق الأذى بالأقليات من أبناء هذه الأرض، الثابتين فيها على مر الازمان واختلاف الدول المهيمنة وسياساتها.

وبعد ضياع فلسطين وتطلع إسرائيل الى لعب دور الدولة العظمى في «الشرق الأوسط الجديد»، كما أسمت الإدارة الأميركية بلادنا، وانهيار الدولة في لبنان، ثم في العراق، وتهالكها في مصر ثم في سوريا وانهيارها في ليبيا، ها هي الحرب السعودية على اليمن تكمل دائرة الخراب وتجعل المصير العربي جميعا، دولاً وشعوبا، في مهب الريح... فالنفط، وحده، لا ينشئ دولاً ولا يحمي الشعوب صاحبة الثروة نظريا.

ذلك ان النفط لم يكن ولن يكون لأهله، في أي يوم، طالما ظلوا بلا دول، بالمعنى البسيط للكلمة، وبلا أنظمة ديموقراطية، بالمعنى العصري للنظام.

قد يشتري النفط احدث الأسلحة وأقواها لتدمير بلاد الاخوة الفقراء، كما نشهد في «عاصفة الحزم» السعودية... لكنه سيظل هو هو مصدر الخطر على الأنظمة التي تحتكر الثروة وتذل بها شعبها قبل الشعوب الشقيقة.

... وها هو النفط قد اسهم في تدمير الدولة في ليبيا بدلاً من حفظها وتأمين الطريق إلى مستقبلها في ظل حكم «فرد» واحد، ومعه أسرته، بالسلطة والثروة والسلاح.

ترى لو كان في أرمينيا كميات خرافية من النفط، هل كانت خسرت شعبها وهويتها وتحولت إلى مصدر خطر على أهلها وجيرانها (وكلهم فقراء) كما في أرضنا العربية؟

أخيراً، أين موقع ادلب وجسر الشغور على الخريطة الجديدة للصراع العربي ـ العربي، بعيداً عن هذا كله؟ وهل تطالها نيران «عاصفة الحزم»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الأرمن والعرب وقرن من التشرد عن الأرمن والعرب وقرن من التشرد



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon