توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية

  مصر اليوم -

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية

طلال سلمان

بينما تنهمك كبريات دول العالم، شرقاً وغرباً، بالتداعيات السياسية والاقتصادية للاتفاق النووي الإيراني، تبدو الدول العربية غائبة عن الوعي وعاجزة عن التأثير، تقبع في موقع الغنيمة يتوزعها المتفاهمون في غيابها، مشغولة بحروبها الداخلية انشغال اللبنانيين بنفاياتهم وخلافاتهم حول مواقع المطامر وهوياتها الطائفية والمذهبية.

وكما أن خلف النفايات والمطامر في لبنان صفقات مالية هائلة تسهل تغطيتها بإثارة العصبيات الجهوية التي تستبطن الطائفيات والمذهبيات، فإن خلف الغياب العربي عن دوائر التأثير، بالسلب والإيجاب، انهماك الأنظمة القائمة بقوة الأمر الواقع في معارك تثبيت سلطتها بالاستناد إلى الإثارة الطائفية والمذهبية بعد اندثار العمل السياسي بأحزابه ذات العقائد التي كانت ذات يوم «مقدسة».

إن المشاهد التي تنقلها وسائل الإعلام، على مدار الساعة، من عواصم التاريخ في الأرض العربية والمدن التي كانت حاضنة الفكر والثقافة والعلوم عالمياً، تثير مكامن الحزن إضافة إلى الإشفاق على حالة العجز المطلق التي تعيشها شعوب هذه الأرض في جحيم الحروب الأهلية التي دمرت العمران وحوّلت المدن إلى خرائب يعيش أهلها بين أكوام الحطام والنفايات التي تستدرج من تبقى فيها من سكانها للبحث فيها عما قد يقيتهم أو يقيم أودهم، في انتظار الفرج الذي لا يأتي.

يمكنك أن تبدأ من صنعاء البعيدة ومعها مأرب فإلى عدن ومن ثم إلى بغداد والرمادي والموصل فإلى حلب وحمص ودرعا والشام بغوطتها الفيحاء، وصولاً إلى بنغازي وطرابلس في ليبيا ثم إلى تونس التي طالت تفجيرات القتل بالتعصب الأعمى المتاحف والمسابح في العاصمة ومن حولها وهرّبت السياح، وهم بعض أهم مصادر الدخل الوطني.. أما إذا وسّعت جولتك على أسباب العمران ومعاهد العلم ومراكز التنوير وبيوت النغم التي كانت تخرّج أهل الفن، موسيقى وغناء وتواشيح دينية فلن تجد إلا خرائب بعد نهب منجزات الحضارة الإنسانية التي لها عصاباتها التي تشترك في «استثماراتها» «داعش» مع بعض أهل النظام والسماسرة ذوي السمعة الدولية.

اندثرت الأحزاب التي كانت تحمل راية التغيير بعدما ابتلعتها السلطة بالعسكر، وتهاوت الجمهوريات معيدة الاعتبار إلى العائلات المالكة بالسيف وشيوخ الانقلاب على الآباء، بعدما عزز النفط والغاز مواقعها، وألغى احتمال أن يكون «الأهالي» فيها شعوباً ذات حقوق في ثروات بلادها، ما دام النظام يقدم من «الترّهات» ما يكفي «رعاياه» ويوهمهم بأنهم في أفضل حال قياساً إلى «أمثالهم في دول الجوار».
&&&

إن النفايات قد تكون من مقدمات الحرب الأهلية في بلد كلبنان، يمنع نظامه أهله من أن يكونوا مواطنين ويستبقيهم رعايا لطوائفهم وزعامات هذه الطوائف التي تغدو مولدة الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والموظفين وصولاً إلى الحجّاب.

فالنفايات بحسب طائفة من «أنتجها» ورماها في الشارع... ولا يجوز لنفايات هذه المنطقة، بطائفتها، أن ترمى في خراج منطقة أهلها من طائفة أخرى أو مذهب مختلف.

ففي لبنان تحوّل الطائفية السياسية النفايات والمطامر إلى «قضايا سياسية» تحتل موقع الأولوية في الصراع، متقدمة على موضوع البطالة السياسية التي يعيشها هذا الوطن الصغير بلا رئيس لجمهوريته ـ كونفدرالية الطوائف، ولا مجلس نيابي برغم أن نوابه الأبديين يتقاضون بوزارة أو من دونها.. رواتب بطالتهم ومخصصاتهم وفيها السيارة والسائق والمرافقون والحرس وبدل حضور الجلسات التي لا يكتمل نصابها!

وهكذا يعيش العرب وسط أكوام من النفايات إما كنتيجة لحروب تدخل تحوّلت إلى حروب أهلية، أو كمقدمات لحرب أهلية قد تكون في الطريق إلى بلد الجمال والسحر الحلال والإبداع والخلق الفني، جنة السياح والمصطافين والمهرّبين والمزوّرين والزعامات الأبدية التي تفوقت على الأسر المالكة في أربع رياح الأرض العربية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon