توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وحدة الطوائف.. على «الوطن» و«الدولة»!

  مصر اليوم -

وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة»

طلال سلمان


بعد ربع قرن على اتفاق الطائف الذي اعتمد، بعد حرب أهلية/ عربية/ دولية امتدت لخمس عشرة سنة، كخاتمة سياسية للصراع على مواقع الطوائف في النظام السياسي، ما زال الحنين قوياً «للميثاق الوطني» الذي كان يعطي السلطة للطرف المسيحي، الماروني تحديداً، ثم يسترضي الأطراف الإسلامية بمناصب أقرب لأن تكون فخرية.
ومن أسف فإن النقاش حول «النظام» لا يتوقف عند الحقوق البديهية «للمواطنين»، الذين هم في حقيقة الأمر «رعايا»، كالديموقراطية والعدالة الاجتماعية ووضوح الهوية الوطنية، بل هو يندفع نحو مواقع السلطة باعتبارها «حقوقاً» للطوائف مما يجعلها امتيازات ممنوع المس بها وإلا تفجرت الحرب الأهلية المدمرة مجدداً.
حتى من قبل أن تتفجر الأوضاع السياسية في الدول العربية المحيطة بلبنان لأسباب مختلفة، فيها المطلب الداخلي وفيها الغرض الخارجي، كانت الطبقة السياسية المسيحية في لبنان تستمتع بحظوة استثنائية لدى أهل النظام العربي عموماً.. أما بعد انفجار الأوضاع في كل من سوريا والعراق فقد اندفعت هذه الطبقة تتجاوز الوقائع الفعلية من مجازر وتدمير شامل لأسباب العمران وهيكلية «الدولة» والمخاطر التي تلامس مصير البلاد أو الأوطان بشعبها جميعاً، سواء في سوريا أو في العراق، لتركز في خطابها كما في تحركها على الأقليات المسيحية وكأنها وحدها المستهدفة بينما ينعم سائر الأهلين، أي المواطنين، بالأمن ورفاه العيش في حين أن أعناقهم تحت سكاكين «داعش».
ومن أسف فإن بعض أركان الطبقة السياسية من المسيحيين في لبنان تصرفوا برعونة وخفة ورفعوا أصواتهم مطالبين بالتدخل الدولي في مناطق تواجد الأقليات المسيحية (سريان وأشوريين..) ذات الإسهام المميز في «حضارة ما بين النهرين»، فاصلين بينها وبين سائر المواطنين أي الأكثرية الساحقة (عراقيين وسوريين..)! بل إنهم ذهبوا إلى الأكراد مستنجدين، متجاهلين «الدولة المركزية» في العراق، إلا عبر مجاملات فارغة لبعض مسؤوليها في بغداد، في الوقت اللازم لتعبئة الوقود للطائرات الذاهبة إلى أربيل.
ما علينا والماضي، لنلتفت الآن إلى المنطق الذي يُراد له أن يسود في معالجة الأزمة السياسية الجديدة التي استولدها هذا النظام الفريد:
المسيحيون يريدون قانوناً جديداً للانتخابات يحررهم من شراكة «الآخرين» على قاعدة الكانتونات: يقترعون فيه وحدهم وينتخبون نوابهم باستقلال عن بقية الطوائف، وعلى قاعدة المناصفة في المقاعد، ثم يشاركون في انتخاب «الرئيس» على درجتين أو مرحلتين، الأولى مسيحية والثانية وطنية عامة، آخذين بالاعتبار الأكثر شعبية بين المرشحين في بيئته الحاضنة.
كلما اهتز هذا النظام الطوائفي لعجزه عن بناء دولة لكل مواطنيها، وفشله في مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية التي يتسبب فيها أركانه ويستثمرونها لتحقيق الكسب الحرام وتمرير الصفقات المشبوهة، ارتفعت الأصوات تطالب بمزيد من الطائفية (والمذهبية..)، مع تركيز على «حقوق المسيحيين» التي لا يجوز أن يمسها أي تغيير أو تعديل وإلا سقطت ركيزة الوحدة الوطنية وانتفت الحاجة إلى الدولة.
وبطبيعة الحال فإن أركان النظام من المسلمين يفيدون من تصاعد النبرة الطائفية لدى القادة المسيحيين عبر إعادة تأكيد الشراكة في المصالح: «تأخذون أكثر فنأخذ أكثر فنحن حراس حقوق جماعتنا كما أنتم عند جماعتكم»!
وهكذا يلغى وجود «الشعب» تدريجياً، ويتحول إلى كتل صماء من رعايا الطوائف الذين يسهل تحويلهم ـ بالخدمات ـ إلى رعايا لزعماء الطوائف، بينما يختفي وجود «المواطن» و «الدولة المدنية» باعتبارها ترفاً لا قدرة للبنانيين على ممارسته.
.. وهكذا يسود منطق تقاسم الدولة بين الشركاء في إلغائها: تأخذون لزعاماتكم منها أكثر فنأخذ لزعاماتنا منها أكثر! أما الرعايا فأمامهم المطار وبلاد الله الواسعة من أدنى الخليج إلى أقاصي أفريقيا، ومن أول ساحل أوروبي إلى الأميركيتين، والجنوبية منهما بشكل خاص، فضلاً عن أوستراليا.
ومن تقاسم إلى تقاسم تصبح «الدولة» مجموعة من الأجهزة والإدارات مشلولة القرار، في انتظار التوافق في كل مرة على الحصص: تأخذون في الأمن فنأخذ في الاقتصاد، تأخذون في النفط والكهرباء فنأخذ في الاتصالات وهكذا دواليك..
عشتم وعاش لبنان في الظلال الوارفة للطائفية وقد تعززت بالمذهبية!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة» وحدة الطوائف على «الوطن» و«الدولة»



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon