توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سعدى علوه: اغتيال النهر وناسه

  مصر اليوم -

سعدى علوه اغتيال النهر وناسه

بقلم طلال سلمان

بدعوة من «السفير» توقع الزميلة سعدى علوه كتابها «اغتيال نهر الليطاني وناسه»، ويضم سلسلة التحقيقات المتميزة التي كانت أجرتها في وقت سابق من هذا العام، وصدرت على حلقات على صفحات «السفير»، وللمناسبة تقام في السابعة من مساء غد الأحد ندوة حول الكتاب في قاعة المحاضرات التابعة لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب (البيال)، يشارك فيها النواب علي فياض، واسماعيل سكرية (نائب سابق)، وجمال الجراح بالاضافة إلى الخبير كمال سليم. يقدم للندوة رئيس التحرير الزميل طلال سلمان، الذي كتب المقدمة التالية للكتاب

للّيطاني مع «السفير» حكاية حياة.. لا لأنه أهم نهر في لبنان، أو الأطول مسيرة في ما بين قلب البقاع، مخترقاً بلاد بعلبك فقضاء زحلة ثم البقاع الغربي قبل أن ينعطف جنوباً ليصبّ في القاسمية، بل لأن الإهمال الشعبي والتخلي الرسمي، فضلاً عن صفقات الفساد والإفساد التي استخدمها أهل النفوذ، قد دمرت هذا الشريان الحيوي الذي يعيش به وعلى ضفافه أكثر من مليون وربع المليون مواطن، فيهم الرجال والنساء والأطفال، الذين تحاصرهم الآن الأمراض القاتلة.

لقد تم إعدام هذا الشريان الحيوي أمام أعين المسؤولين، رؤساء وحكومات ووزراء ونواباً، الذين تظاهروا أنهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يقرأوا ولم يسمعوا، وكأنهم صم بكم عمي فهم لا يفقهون.. مع أنهم يرون النملة حين يتصل الأمر بمصالحهم «الحيوية»..

سنة بعد سنة، وعهداً بعد عهد، حكومة بعد حكومة، كان النهر يتحول إلى مجرور، وكان مجراه يتحول إلى مكب للنفايات، وكانت الآبار التي تحفر على ضفافه مباشرة تشفط مياه الينابيع التي كانت تصب فيه... وهكذا تحول إلى مزبلة وإلى مصدر للجراثيم حاملة الأمراض القاتلة وإلى بيئة حاضنة للسرطان الذي انتشر بشكل مفزع بين أهالي المنطقة التي تحتضنه.

.. وعادت «السفير» مع الزميلة سعدى علوه إلى النهر الذي كان عند صدورها، قبل ثلاث وأربعين سنة، مصدراً للخير، يروي الناس ويخصب أراضيهم فتعطي أطيب المواسم وأشهى الثمار، قمحاً وعدساً، تفاحاً وعنباً، كثيراً من العنب للأكل والتصدير، للضيافة ولتصنيع الخمر والدبس، وكل ما لذ وطاب من الفواكه.

رافقته أول مرة مع الأهل الذين كانوا يعيشون من خيره، على ضفافه... وعادت إليه، مرة ثانية، فإذا هو مكب نفايات ومجرور يحمل جراثيم المرض القاتل، السرطان، وأنواعاً شتى من الأمراض، ولا من يعالج..

كان المحقق الأول الذي رافقه من منبعه في العليق، وعلى طول مجراه حتى القاسمية، الزميل الراحل الياس عبود، ابن القرعون التي كانت تعيش به وعليه، فأقفلت عليه الآن، وابتعدت عنه هاربة من مياهه الآسنة والأمراض التي ينشرها.

أما المحقق الثاني فهو الزميلة «أم الهمم» سعدى علوه.. وهي صاحبة باع طويل في التحقيقات الاجتماعية والأنشطة التي تستهدف نشر الوعي الصحي والوعي بحقوق المرأة كافة، في الزواج والطلاق والاحتفاظ بأبنائها بعده وسائر الحقوق المدنية.

ولقد تكبدت سعدى علوه عناءً عظيماً وهي «تبحث» عن نهر الخير الذي اختفى منبعه فسدّت عليه الطرق، بينما انتظمت الآبار الارتوازية على ضفتيه كأعمدة الهاتف أو الكهرباء.. ولا ماء، فيما سدّت مجراه بعد حوش الرافقة وصولاً إلى زحلة حيث اختفى «البردوني» بدوره متحولاً إلى مكب للنفايات وقد أضيفت إليها الآن ما هو أخطر: المتبقي من الكيماويات والأدوية التي تستخدمها المستشفيات مضافاً إليها ما ترميه مصانع الأدوية ومزارع تربية الدجاج والأبقار والأغنام والماعز، ومحالّ البقالة والملاحم والمطاعم إلخ..

استغرقت الرحلة نحو أربعين يوماً، عبر محطات على طول الطريق، استطلعت فيها آراء الأهالي الذين تباروا في رثاء النهر الذي كان يرويهم وأرضهم مشكلاً العمود الفقري لزراعاتهم، بل لحياتهم جميعاً... متجاهلين أنهم يتحملون مسؤولية الصمت عما أصاب شريان الحياة في ديارهم، وكذلك مساهمتهم في «طمره».

هذا الكتاب حصيلة هذه الرحلة لتفقد أحوال نهر الخير الذي يكاد الإهمال (المقصود) يحوله إلى نهر للأوبئة الآخذة إلى الموت.

والأمل أن يهبّ الناس، أهل الليطاني، أولاً وأساساً، إلى الدفاع عن حياتهم بإجبار من يعنيهم الأمر، الدولة، الناس ثم الأهالي الذين عاشوا مع النهر وبه، إلى حماية مصدر الخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعدى علوه اغتيال النهر وناسه سعدى علوه اغتيال النهر وناسه



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon