توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا يمر قانون انتخاب يلغي الوطن والمواطن...

  مصر اليوم -

حتى لا يمر قانون انتخاب يلغي الوطن والمواطن

بقلم طلال سلمان

صار النظام الطائفي أكثر طائفية مما كان عبر تاريخه.
تتم حالياً إعادة تقسيم «الشعب» إلى شعوب... فيجري الحديث عن الشعب المسيحي، وعن الشعب المسلم، وعن الشعب الأرمني...
ويبالغ البعض فيرى في اللبنانيين «أمة تامة»، وإن كان يقصد بالتحديد «بعض» اللبنانيين، كما يقصد استبعاد «العرب» عن هذه «الأمة» التي يتمنى دعاتها لو كانت بعض الغرب وفيه... أما وأن الجغرافيا قد حكمت أن تكون في هذه المنطقة، فلا بأس على أن يتم إنكار هويتها العربية وإسقاط الهوية الجغرافية عليها: «الشرق الأوسط».

ولقد حفلت السنوات الثماني عشرة التي انصرمت على اتفاق الطائف بمحاولات عدة للتنصل منه بذرائع مختلفة، وإن حرص دعاة هذه المحاولات على تجنب إغضاب السعودية خاصة ومعها سوريا والجزائر باعتبارها كانت راعية للطائف، مع الأميركيين بطبيعة الحال...

على أن العودة إلى نبرة الاعتراض على اتفاق الطائف قد ارتفعت، مجدداً، وعلى وجه التحديد، بعد الاتفاق الذي عقده الجنرال ميشال عون باسم «التيار الوطني الحر» بقيادة صهره الوزير جبران باسيل مع «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع، عشية المعركة الرئاسية... وهو الاتفاق الذي «بعث» «الحلف الثلاثي» (كميل شمعون ـ بيار الجميل ـ ريمون اده) عشية تفجر البلاد بالحرب الأهلية.

وعبر المحاولات المتعثرة لتشكيل حكومة العهد الأولى ظهرت أولى نتائج هذا الاتفاق، إذ اعتبر هذان التنظيمان أنهما يمثلان المسيحيين كافة، مستبعدين بذلك سائر القوى السياسية المسيحية، أحزاباً ونواباً وشخصيات وممثلي تيارات وازنة في المجتمع اللبناني المنفتح بطبيعة تكوينه على مكوناته كافة.

وبغض النظر عن جدية هذه الاعتراضات وحضور القوى المعنية على الساحة السياسية، فقد تبدى واضحاً أن الاتفاق الثنائي «التيار» ـ «القوات» يسعى للإبقاء على قانون الانتخاب الحالي (قانون الستين)، وهو متخلف ومسيء إلى كرامة اللبنانيين ووطنيتهم، ويبقيهم قطعاناً يقود كلَّ قطيع منها «زعيمٌ» طائفي، مما يُثَبِّت النظام ويعمق تأثيراته المدمرة على المجتمع اللبناني... خصوصاً أنه وُضِع في زمن مضى وانقضى، وقد تبدلت المعطيات جميعاً، أرقاماً ووقائع ومحل إقامة وهجرات...

فالانتخابات بمثل هذا القانون الموروث من العام 1960، أي قبل اتفاق الطائف بثلاثين سنة حفلت بحروب عدة في البلاد، بعضها ملتبس الشعار والهدف، وبعضها الآخر واضح في الطموح إلى حياة سياسية وطنية في إطار سياسي جامع تحفظ لأجياله الجديدة أرضية صلبة لحياتهم في وطن حر، سيد ومستقل، عربي الهوية، يستجيب نظامه لطموح «رعاياه» لأن يكونوا مواطنين فيه وله، وليس مجرد اتباع لطوائفه ومذاهبه التي تصطنع منه فدرالية طوائف، وتجعل من دولته مجموعة من الكانتونات المغلقة على ذاتها، بما يتيح لمناخ الحرب الأهلية أن يعود إلى الانتعاش بعد هذا التقسيم العمودي لشعبه بقانون انتخاب متخلف يعيده طوائف ومذاهب متناحرة وقد فقدت هويتها الجامعة وانتماءها إلى أرضها وتاريخ أمتها، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

إن القول بوحدة الطائفة بديلاً من وحدة الشعب، بأرضه ودولته، يهدد «الوطن» في حاضره ومستقبله، فضلاً عن تثبيت القواعد الطائفية لهذا النظام المتخلف والمجافي لإرادة الشعب ووحدته الوطنية...

وبديهي أن هذا المبدأ ينطبق على الطوائف جميعاً، السنة والشيعة والدروز، الموارنة والكاثوليك والأرثوذكس، الأرمن والسريان والأقباط إلى آخر طائفة مسيحية أصيلة أو وافدة...

وبديهي أيضاً أن استدراج مغتربي المهاجر، وبعضه نسي موطنه ولغته وهويته، لن يضيف إلى لبنان كثيراً... فالمغترب الذي حافظ على هويته له بطبيعة الحال حقوق المواطن جميعاً، مع التقدير لوطنيته التي جعلته يحافظ على هويته (حتى وإن كان حصل على هوية البلاد التي نالها بجهده وعرقه...)، أما الذي يراد تجنيسه، مجدداً، وبعدما نسي البلاد بأهلها وأرضها وهويتها ولغتها، فتلك زيادة واضحة الغرض السياسي... وهو مشبوه كاستثمار سياسي ومن شأنه أن يذكي الغرائز والعواطف والمصالح الفئوية على حساب الوطن وأهله.

وما أصدق الرئيس سليم الحص، هذا الوطني الصادق المخلص والذي خدم وطنه بكفاءته المميزة متعففاً بوطنيته عن الانحدار إلى المستنقع الطائفي قبل السلطة ومنها وبعدها... أطال الله عمره وَنَوَّرَنا بعقله وبصيرته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا يمر قانون انتخاب يلغي الوطن والمواطن حتى لا يمر قانون انتخاب يلغي الوطن والمواطن



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon