بقلم طلال سلمان
برغم ان حكمت قصير كان يؤمن بأن الموت حق، فإنه عاش عمره المديد يعمل بلا كلل، ويتابع نشاطه الاجتماعي مهتما بدنيا الاغتراب وقد عاش فيها مطلع شبابه وحتى كهولته، قبل أن ينتقل إلى باريس قبل العودة نهائياً إلى لبنان، حيث تابع الاهتمام بالشأن العام...
ولقد لعب في أفريقيا التي كانت قد باشرت نهوضها نحو التحرر من براثن الاستعمار الغربي دوراً طيباً في نصرة تحركها، مستفيداً من حركة مصر التحررية بقيادة القائد الراحل جمال عبد الناصر الذي استقبله في القاهرة مشيداً بتحركه من أجل تحرر الأخوة الأفارقة.
أما في لبنان فقد لعب حكمت قصير دوراً تحريضياً على تجاوز آثار الحرب الأهلية وذكرياتها السوداء، ونشط اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتقدم باقتراحات جدية لمن لا يقرأ فإذا قرأ لا يستجيب، وظل نجماً اجتماعياً له حضوره وتقديماته في مجال الثقافة والأعمال الخيرية.
ومن أبرز أفكاره «الدعوة إلى العثور على 10 آلاف فرد لبناني في ديار الهجرة، من بين الملايين اللبنانية المنتشرة في شتى أرجاء العالم، يكونون من اليسار بحيث يمكن للواحد منهم أن يوظف، على مدى سنة أو سنتين مثلاً، مبلغ مئة ألف دولار، توظيفاً «غير مربح» إنما غير «خاسر» على المدى الطويل.
يمكن إنشاء ما يسمى بـ «مصرف التنمية الاجتماعية» برأسمال قدره مليار دولار وتكون مهمته ثلاثية: تأمين الطبابة والأدوية بسعر الكلفة للمحتاجين أو لذوي الدخل المحدود، تأمين التعليم الإلزامي والإجباري وربما عن طريق ضخ مدارس الدولة ببعض احتياجاتها من المباني والأعتدة والمختبرات والأساتذة، وتأمين مساكن شعبية ضئيلة الكلفة، أو بأجور رمزية لمن هم بحاجة إلى ذلك.
رحم الله هذا الرجل الذي لم يتعبه العمر فظل يفكر ويدعو إلى ما فيه خير مواطنيه... حتى جاءت «الساعة» فعاد راضياً مرضياً إلى بلدته الجنوبية دير قانون النهر.