توقيت القاهرة المحلي 20:29:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن الرئاسة.. والطوائف والشارع

  مصر اليوم -

عن الرئاسة والطوائف والشارع

بقلم طلال سلمان

كل انتخابات رئاسية تضع البلاد على حافة الحرب الأهلية: تحتدم المنافسات بين أقطاب الطائفة الممتازة الذين يرى كل منهم انه الأجدر بالرئاسة والقيادة ودخول التاريخ..

في العام 1943 كان المرشح الأقوى، كما يروي الساسة من معاصري تلك الفترة، اميل اده.. لكن كلمة السر (البريطانية آنذاك) جاءت ببشارة الخوري، الذي طمع في ولاية ثانية فخلعته المعارضة في منتصف ولايته الثانية في العام 1952. ورفض اللواء فؤاد شهاب ان يتولى المنصب الفخم فجاء كميل شمعون (المعارض) رئيساً. ومع التحولات الخطيرة التي شهدتها المنطقة آنذاك (وحدة مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة على حدود لبنان)، وطرح مشاريع أحلاف أميركية مع بعض عواصم المنطقة، وصل اللواء شهاب إلى رئاسة الجمهورية بدعم أميركي ـ عربي معلن لينهي حالة «عصيان» رفضاً لتمديد ولاية شمعون. أما في العام 1964 فقد اختار شهاب المرشح الأضعف (شعبياً) شارل حلو فتم تنصيبه رئيساً.

في العام 1970 ردت «المعارضة» ممثلة بالحلف الثلاثي (الماروني) أي ريمون اده وبيار الجميل وكميل شمعون، بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً سنة 1970 وكان الصوت المرجح لكمال جنبلاط...

لا يمكن اعتبار الصراع حول الرئاسة سبباً مباشراً في انفجار الحرب الأهلية في العام 1976 ولكن الخلافات السياسية كانت قد بلغت ذروة الاحتدام، خصوصاً مع التأثير المباشر للمقاومة الفلسطينية التي كانت قيادتها قد استقرت مع مقاتليها في لبنان... وهكذا أمضى الرئيس الياس سركيس سنوات ولايته محاولاً الحد من الخسائر طالما تعذر الحل.

بعد ذلك سيكون الاجتياح الإسرائيلي بتداعياته السياسية الصوت المرجح في انتخاب بشير الجميل رئيساً، فلما اغتيل تم انتخاب شقيقه أمين رئيساً ـ بديلاً.

... وكان ما كان من تمسك أمين الجميل بحلم التمديد حتى اليوم الأخير من ولايته التي حفلت بكوارث وطنية عدة. وقبيل منتصف الليلة الأخيرة وبعد تبخر أمله بالتمديد استدعى الرئيس المنتهية ولايته، قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون وعيّنه رئيساً لحكومة من أعضاء المجلس العسكري الذي يرئسه. لكن الأعضاء الثلاثة المسلمين أعلنوا رفضهم هذا القرار... وصار للبنان «حكومتان»: الشرعية التي كانت قائمة برئاسة الرئيس سليم الحص، والعسكرية بنصف أعضائها المسيحيين برئاسة العماد عون. ومعروف أن الوضع سرعان ما انفجر بـ «حرب التحرير»، التي شنها العماد تحت عنوان المطالبة بإجلاء الجيش السوري الذي كان قد دخل بقرار من جامعة الدول العربية تحت غطاء قوات الردع العربية في العام 1976، وقبل ان تتوقف «حرب التحرير» هذه، تماماً، تفجرت «حرب الإلغاء» بين العماد عون و «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع.

مع نهاية العام 1983 عُقد مؤتمر جنيف للمصالحة الوطنية، برعاية سورية ـ سعودية مشتركة (تحت المظلة الأميركية)... ثم عُقدت جولة ثانية لهذا المؤتمر في لوزان في ربيع 1984 ثم كانت الجولة الثالثة والحاسمة في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في خريف 1989. وتنفيذاً للتوافق فيها تم انتخاب المرحوم رينيه معوض رئيساً للجمهورية في مطار القليعات العسكري في عكار. لكن أيادي الإجرام اغتالت هذا الرئيس التوافقي يوم عيد الاستقلال (22 ت2) في بيروت، فعقد المجلس النيابي جلسة استثنائية أخرى في فندق شتوره بارك أوتيل تم فيها انتخاب الراحل الياس الهراوي رئيساً.

ولقد تم تمديد ولاية الهراوي لثلاث سنوات.

بعد ذلك ستعجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس جديد، فتجد الحل في اختيار قائد الجيش العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية. وحين استصدر القرار الدولي 1559 حول لبنان ضغطت دمشق لتمديد ولاية الرئيس لحود لثلاث سنوات أيضاً.

مع انتهاء ولاية لحود شغر موقع الرئاسة لستة أشهر ونيف. وحين حصلت واقعة 5 أيار الشهيرة رد عليها «حزب الله» في السابع من أيار 2007 لمنع كشف خطوط الاتصال البري بين قيادة المقاومة ومجاهديها على امتداد جبهة المواجهة مع العدو الإسرائيلي.
استمر الشغور في موقع الرئاسة حتى تلاقى الأطراف السياسيون المختلفون في مؤتمر الدوحة في الثلث الثاني من أيار 2007، حيث توافقوا على انتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان الذي انتهت ولايته قبل سنتين ونصف السنة تقريباً، دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد.

وها ان لبنان في قلب الفراغ منذ ذلك الحين، مع كل ما يسببه ذلك من خلل بسبب غياب الرئيس الأول الذي لا يستقيم الحكم من دونه.. كما ان خلو المنصب يُشعر الطائفة المارونية بالغبن وترى فيه مساً بكرامتها.

وها هي المنافسة على موقع الرئيس تحتدم مجدداً، خصوصاً مع التحول في موقف الرئيس سعد الحريري من إعلان التأييد للنائب سليمان فرنجية، إلى إعلان تزكية ترشيح النائب ميشال عون.

على ان احتدام المنافسة يتجاوز الأشخاص إلى الكتل السياسية التي يلف الغموض مواقف معظمها، وكل كتلة تنتظر إعلان موقف الكتلة الأخرى لتقرر موقفها... وتنفرد الكتلة العونية بالتهديد بالنزول إلى الشارع إذا لم يتم انتخاب العماد عون رئيساً.

... ومعروف ان في لبنان شوارع سياسية عدة وليس شارعاً واحداً.

ربما لهذا يرى البعض ان «الشارع» ليس أفضل صندوق انتخاب للرئيس الجديد... وهكذا ينتهي عصر الفراغ برئيسين بدلاً من واحد، ومعهما طبعاً، الرئيس الجامع المانع الرادع... إلا بإذن الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الرئاسة والطوائف والشارع عن الرئاسة والطوائف والشارع



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon