توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن حلب... وخناجر القتلة باسم الإسلام

  مصر اليوم -

عن حلب وخناجر القتلة باسم الإسلام

بقلم طلال سلمان

يفيض الحزن، كما الدم، عن حدود الوطن العربي...

يطوف في زوارق الخطر حتى الغرق في البحار البعيدة هرباً من الوطن الذي كان نشيداً للأمة بأمنياتها وأحلامها بعنوان فلسطين...
تفيض دماء السوريين (والعراقيين واليمنيين والليبيين و...) عن حدود أرضهم المحروقة فتغمر الدنيا...

تسقط البيوت والجامعات، المدارس والمستشفيات، الكنائس والمساجد، والأشجار التي تموت واقفة...

تسقط النساء والصبايا منتظرات الفرح. يسقط الأطفال. يسقط الرجال، شيوخاً وشبانا كانوا عدة المستقبل الأفضل. تسقط الآمال مضرجة بدماء الغد. تسقط الأحلام السنية بسكاكين وحوش الماضي قتلة الحاضر بالأمس والمستقبل بالحاضر.

تسقط المدن مضرجة بأهلها. تسقط أشجار الزيتون والبرتقال وتنطرح الثمار تحت أقدام القتلة. يسقط الياسمين اغتيالاً بالرصاص المسموم. تتهاوى شجيرات الورد بضغط الدوي القاتل...

... ويأتي الدور على أم المدن حلب الأعرق والأعظم رصيداً بالتاريخ كما بالشعر، بالفن كما بالتجارة، بالصناعة كما بالعمران، بالأديان جميعاً، باللغات جميعاً وإن ظل للمتنبي فيها الصدارة مثيراً غيرة أبي فراس الحمداني، وسيف الدولة ينتشي طرباً بالشعر وهو يخوض منتصراً معاركه ضد الغزاة المتسترين بالدين. بالأمس كان الغرب خلف الصليب، ثم تلاه الترك خلف الهلال... وصمدت حلب بأهلها ولأهلها، وبمن اختار أن يرمي سيفه ليكون من أهلها.

تفيض دماء الأهالي عن بلاد الشام.

يخرج أهالي بلاد الشام من «شام الله في ملكه» إلى الأقطار الشقيقة فإذا المنافي أرحم منها. أُسقطت عنهم هويتهم التي اصطنعت التاريخ وصنفهم الأخوة الأشقاء «نازحين»، وداروا بلوائحهم يستعطون الغرب، بينما أصحاب العباءات المقصبة والعُقل المطرزة بالذهب يشكون العَجْزَ في الدخل القومي نتيجة انخفاض أسعار النفط لا ارتفاع منارات القصور والاستراحات الملكية في الصحراء وارتفاع أسعار الأبنية التاريخية في لندن وباريس والرباط وطنجه وماربيا وكان، حيث صار سعر اليخت يكفي لإطعام شعب اليمن.
الشهباء، أم المدن، النغم المنشي حتى الشجن، يا ليل الفرح، يا عين الطرب، يا مصدر الشهادة لصاحب أو صاحبة الصوت الآخذ إلى النشوة، يا أرغن الغناء وقيثارته وعوده بأصوات الشيوخ ومداحي النبي...

كيف يكون التحرير بالأَغراب الذين نذرهم «الخليفة» الدعي لتدمير الحضارة في بلاد الشام جميعاً من بغداد إلى الموصل ومن سامراء إلى الرمادي ومن الرقة إلى حمص وحماه، قبل حلب ومعها يُقتل إسلام محمد بن عبدالله بالذين لا يعرفون لغة القرآن، فإذا عرفوا الحرف سقط منه المعنى، ولا يعرفون من الدين إلا تكفير المؤمنين، ويكرهون المدن وبيوت التاريخ وأعمدة الحضارة فيدمرون كل مَن وما فيها، يسبون النساء ويدربون الفتية على الذبح، يغتالون أنهر الخصب ويقتلون القمح والزنبق، يدمرون الجسور ويحاولون إطفاء الشمس بخناجرهم ويعسكرون الأطفال ليرسلوهم إلى الموت...

بأي دين يجيء هؤلاء السفاحون قتلة القرآن الكريم بالآيات المشرقة بمعنى الإيمان، ذابحو الإنجيل المقدس بسيف التكفير، مدمرو الحضارة وبُناتها الأوائل في أرض الرافدين وسائر بلاد الشام، وقد أسقطوا منها فلسطين بالقصد، ودمروا ما عجزت عن تدميره إسرائيل، وحاولوا إبادة مَن قاتل أنواع الاستعمار المختلفة من العثمانيين إلى البريطانيين و(البرتغاليين) والفرنسيين... فضلاً عمن تستر بالصليب ليموه احتلاله ثم استعماره للأرض المقدسة.

... لكن النهاية تقترب، وسيُفرَض على أبناء هذه الأرض أن يعيدوا تعميرها، مرة أخرى، فهؤلاء «النازحون» يضمون بين طوابيرهم الناجين من الغرق واضطهاد ذوي القربى وعنصرية الأغراب، آلافاً مؤلفة ممن أسهموا في بناء بلادهم والعديد من الأقطار الشقيقة بخبراتهم وكفاءاتهم وعرق الجبين.

الخلود للشهداء الذين افتدوا الأمة جميعاً في بلاد الشام من أقصاها اليمني إلى أرض السواد إلى قلبها الدمشقي وصولاً إلى طرابلس الغرب في ليبيا النازفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن حلب وخناجر القتلة باسم الإسلام عن حلب وخناجر القتلة باسم الإسلام



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon