توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ممنوع التغيير في الوطن المدوّل ..

  مصر اليوم -

ممنوع التغيير في الوطن المدوّل

طلال سلمان

يستحق اللواء وسام الحسن ما ناله من تكريم وطني شامل في وداعه، ولو أننا كنا نتمنى لو أنه حظي به في حياته التي حفلت ـ على قصرها ـ بإنجازات مهمة حققها وهو يمشي على حد السيف. ولعل أبرز الدروس التي أفادها الشهيد الراحل في حياته، والتي تأكدت عبر تغييبه المفجع، أن لبنان الذي يشكو أهله ضعف «دولتهم» هو «دولة الدول» جميعاً، وأن القرار فيه ليس صناعة محلية. إن «دولة لبنان» التي تعاني من القصور الذاتي، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هي موضع عناية فائقة ومركزة من دول الغرب كما من دول الشرق (بما في ذلك العدو الإسرائيلي..)، فضلاً عن العرب بممالكهم والسلطنات والجمهوريات والإمارات وصولاً إلى المشيخات. هي كذلك قبل أسطورة «الربيع العربي»، وهي أعز مكانة وأفضل تحصيناً مع هبوب رياح التغيير، التي سرعان ما تم «ضبطها» و«تدجينها» حتى لا تبلغ مدى الثورة، وقد استخدم الشعار الإسلامي لتمويه الهوية منعاً للشعوب من تحقيق إرادتها في التخلص من إسار ماضي الطغيان لكي تنجز ما تستحق في غدها. وما حصل بالأمس، في بيروت، تأكيد للمؤكد: ممنوع التغيير في لبنان، الآن... بل إن المطلوب تفادي أي تغيير والانصراف إلى تثبيت الوضع الهش القائم وتدعيمه وتحصينه، ولأسباب تتجاوز رغبات بعض الطبقة السياسية المستجدة في ممارسة هذه اللعبة المعقدة... فكيف والأكثرية الساحقة من اللبنانيين تعيش أياماً من الخوف وتمضي لياليها في قلق على المصير وهي ترى دول المنطقة، بأنظمتها التي كانت تتبدى عصية على التغيير، تتصدع، وبعضها يغرق في دماء أهلها، والحكام الجدد يتهددهم استعجالهم السيطرة على السلطة والتفرد بها مستخدمين الشعار الديني للهيمنة على الدنيا. ممنوع التغيير.. ليس بدافع الحرص على أسطورة ضمان الاستقرار في لبنان حفظاً للوطن الصغير والجميل من التصدع، بل لأن هذا «اللبنان» بالتحديد ضرورة «لمحيطه» كما للخارج البعيد.. ومن هنا تدفق الاستثمارات إلى مصارفه وتقاطر أصحاب الثروات، مذهبة وسوداء وبيضاء، لتوظيف أموالهم فيه وشراء المباني والشقق الفخمة التي كان يعرف من بناها وفي منطقة استولدت قيصرياً في قلب بيروت أن «زبائنها» سوف يأتون بالرغبة أو بالأمر أو بكليهما... لأن بيروت هي «النموذج» المطلوب للدور. إن لبنان هذا، ببريقه الجاذب وعيوبه التكوينية التي يشكو من تأثيراتها الخطرة التي تتهدد وحدة أبنائه بنمط حياة مخالف لطبيعتهم الأولى، هو «النموذج» الجاذب، وهو «المرصد» الممتاز، وهو الملجأ الآمن لمن تلفظهم أوطانهم من «أغنياء الحروب الأهلية»، وهو ميدان المبارزة بين مخابرات الدنيا، بدولها كافة، تتصارع حيناً وتتحالف حيناً آخر، ولكنها تتلاقى في الحرص عليه كحقل تجارب وميدان عمليات ومحطات لتبادل الخبرات... على هذا فآخر ما يهم «الدول» هو الأحوال الداخلية لهذه الجمهورية الكونية. بل إن من مصلحة «الدول» أن يعم الفساد ويستشري وتنغمس فيه الطبقة السياسية، بحيث تفقد احترام شعبها الذي لا تنظر إليه كوحدة بل بوصفه مكونات طائفية ومذهبية ممنوعة من التوحد في إطار وطني وخلف المطامح المشروعة لأي شعب... فاللبنانيون، في نظر «الدول» ليسوا شعباً ولا ينبغي أن يتجاوزوا انقساماتهم التي هي بعض «مصالح» الطبقة السياسية التي تعيش في أفياء الرضى الدولي ولا تخرج عليه. وهذه «الطبقة» هي من ضمن مصالح «الدول». من هنا فإن هذه الحكومة «مدولة» كسابقاتها، بل ربما أكثر بسبب بعض الاختلاف في الظروف المحيطة... ولقد وفرت المعارضات التي يعميها الغرض مع الذهب فرصة مثالية لتثبيت هذه الحكومة وترسيخ مشاركة «حزب الله» فيها، بمعزل عن مواصلة العزف على اتهامه بالإرهاب، صباح مساء، «الدول» تعرف أكثر من أهل البلد.. ومن أسف أننا لا نملك الخروج على إرادة «الدول» التي لها قوة الإجبار، بقانونها الخاص، في بلد احترف أهله، بقياداتهم أساساً ثم بجماهيرهم، التباهي بالقدرة السحرية على تسخير القانون لمصالحهم، يستوي أن تكون طائفية أو مذهبية، وشخصية في غالب الأحوال. ومن حق الحكومة، التي كانت تبدو مهزوزة البنيان، أن تتوجه بالشكر موصولاً إلى معارضاتها «المدولة» التي لم تعرف بعد ما يكفي عن مكر «الدول» التي لا تهتم إلا إلى مصالحها... وبين هذه المصالح أن يبقى الحال على حاله حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً! نقلاً عن جريدة "السفير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممنوع التغيير في الوطن المدوّل ممنوع التغيير في الوطن المدوّل



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon