توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طرابلس تستعصي على قتلة المصلين!

  مصر اليوم -

طرابلس تستعصي على قتلة المصلين

طلال سلمان

تكاد دماء المؤمنين الذين ازدحموا في رحاب المسجدين وأمام أبوابهما في طرابلس والميناء تغطي عيوننا... لكننا نعرف القتلة ولن نضيع عنهم: نعرف ملامحهم التي تكاد تلغي إنسانيتهم، ونعرف مقاصدهم التي تهدف إلى اغتيال الغد. نعرف ـ بالتقدير كما بالقراءة في الدم المراق ـ مَن خطّط ومَن دبّر إرسالهم بالشحنات الناسفة لكي يشعلها فتنة تلتهم المدينتين ثم تتمدد عبر المدن الأخرى والضواحي لتشمل بنارها الحارقة الوطن جميعاً، وليس فقط المسجدين وجموع المصلين وكلمة الله والساعين خلف رزق عيالهم والنساء العابرات متعجلات لكي لا يتأخر إعداد الغداء للعائلة في يوم الصلاة نعرف القتلة لأننا رأيناهم عبر مذابح أخرى لأبرياء آخرين في مناطق مختلفة من هذا الوطن المضرّج بدماء أهله، وآخرها في الضاحية التي استعصت على الاحتلال الإسرائيلي، لكن قبلها أمكنة كثيرة وإن ظل هدفها واحداً: الفتنة! نعرف السفاحين قتلة الضوء وكلمة الله وزهر الليمون، قتلة الأوطان بالآباء والأمهات والأطفال وأحلام المستقبل... طرابلس، ومعها الميناء، تختصر في هذه اللحظة، الأمة جميعاً وهي تُذبح من الوريد إلى الوريد: تدمّر مدنها والقصبات والبلدات، ويُذبح أهلها في مجازر جماعية ويدفنون في مقابر المجهولين ولا عزاء طرابلس الآن هي دمشق وحلب وحمص والحسكة ودير الزور والرقة والقامشلي التي تكاد تغرق جميعاً في دماء بنيها، طرابلس الآن هي بغداد محروقة القلب بالمساجد فيها والحسينيات ومعها الرمادي والنجف والبصرة وصولاً إلى كركوك وما حولهاطرابلس الآن هي القاهرة المهددة في عمرانها وفي دورها القيادي ومعها الإسكندرية والمنصورة وطنطا وسائر مدن المحروسة، التي جاءنا منها الوعد بالغد الأفضل، وها نحن نشهد المحاولات لاغتياله بأدعياء حماة الدين في البلاد التي يكاد أهلها يكونون جميعاً من المتصوفين طرابلس الآن هي تونس التي تنام مع القلق وتصحو على الاغتيالات والخوف على انحراف الثورة نحو دكتاتورية الدم، طرابلس الآن هي طرابلس الأخرى في الغرب (ليبيا) التي تكاد تصبح واحدة من ثلاث أو أربع أو خمس عواصم لبلاد لا دولة فيها.طرابلس الآن هي صنعاء التي تمزقها الانفجارات وتغتال حيويتها الطائرات الأميركية من دون طيار بينما يتربص بها خطر اغتيال اليمن بتمزيقها دولاً شتى يتوزعها مشايخ الماضي والمرتهنون في حاضرهم لذهب الجار الغني، إنه زمن الترهيب لكي يكره الأخ أخاه، ولكي يُنكر الصديق رفيق صباه، ولكي تختلط الأمور على الناس بعد اغتيال الحقائق، فيقوم بينهم مَن يروّج للفتنة محاولاً إطفاء نور الشمس بالعبوات الناسفة إنه زمن الشائعات المضللة والأكاذيب قاتلة الحقيقة. إنه زمن تحريض الأخ على أخيه، الأب على أبنائه، الجار على جيرانه، المواطن على حارس أمنه الجندي، والكل على الكل، فإذا لا وطن ولا قضية... وإذا العدو الإسرائيلي يغرق في النسيان وهو يلتهم فلسطين أمام عيوننا، أو يجمع حصيلة إنجازات قتلة الشمس باسم الإيمان. إنه زمن التجديف على الدين بالشعار الديني، وزمن قتل المسلمين بذريعة الحرص على الدين الحنيف، وزمن تفجير البيوت بكراهية الأطفال، وتفجير المستشفيات بكراهية الأصحاء، وتفجير المساجد بالحقد على المصلين. [ [ [ لن تسقط طرابلس حتى لو تناهبتها قذائف كارهي المدن قتلة التقدم والحرف والحضارة... ولن تستسلم طرابلس أمام السفاحين طالبة غفرانهم أو رحمتهم، وهم الخارجون على الإيمان لقد تعوّدت طرابلس أن تعطي ولم تتعوّد أن تطلب، فكيف بأن تستسلم للسفاحين قتلة الأوطان والأطفال والحب ونور الشمس، وطرابلس ستظل شامخة بوطنيتها، بعروبتها ودورها التأسيسي في قيام لبنان، حتى وسيوف الإهمال الرسمي تتلاقى عليها مع العبوات الناسفة للإرهاب باسم الدين، وهي مدينة الإيمان، طرابلس مثل الشهداء جميعاً: تعطي ولا تأخذ. يعرفها الجميع إلى حد النسيان ويكرمونها في غيابها، ويحرمونها حق الحضور ستظل طرابلس أبية، شامخة، «أم الفقير»، السابقة إلى التحضّر والدخول في العصر (منذ الثلاثينيات)وستظل معطّرة بشميم زهر الليمون، متمرّدة على الطغيان، عصية على التعصب، وتتسع روحها لأبناء الوطن جميعاً ولا منّة.. وستبقى شارع الوطن والعروبة الزاخر بالناس الطيبين.. ستبقى مدينتنا وقلعة وطنيتنا وملاذ عروبتنا وصومعة إيماننا، طاردة العصبية والتعصب، مفتوحة القلب لأهلها في الشمال جميعاً وحصن الوحدة الوطنية الحصين، ولسوف تنتصر طرابلس، كما بيروت وضاحيتها ـ الضحية، وصيدا وبعلبك وصور وسائر المدن، على الإرهاب والإرهابيين، ولسوف تهزم القتلة بإيمان أهلها الصابرين لن يغتال القتلة نور الشمس،  لن يغتال التعصب أهل الإيمان بالله والأرض والإنسان لن يغتال السفاحون حق الحياة وشرف الأحياء الطيبين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرابلس تستعصي على قتلة المصلين طرابلس تستعصي على قتلة المصلين



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon