توقيت القاهرة المحلي 11:18:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم تحتاج "حكومتنا" من دمائنا؟!

  مصر اليوم -

كم تحتاج حكومتنا من دمائنا

طلال سلمان

نكاد نكتب بالدم. تكاد شاشات التلفزيون وصفحات الصحف أن تتحول إلى معرضٍ للضحايا والركام والأحلام المحطمة. لا يتحرك واحدنا إلا وهاتفه في يده، يرن بين دقيقة وأخرى ليبلغه بانفجار سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة أو "تجدد الاشتباكات على المحاور التقليدية" في هذه الجهة من الوطن الصغير أو تلك. لا يغادر الخوف العيون، وتغرق الأحلام البسيطة جداً في دوامة القلق على البيت، على الأطفال، على الأهل، على الوطن الذي لا ملجأ له. الفاصل بين مأساتين يكاد يكون كوميدياً: تصريحات لأقطاب وأتباع، لقاءات ومشاورات بين سياسيين يغطون جهلهم برفع الصوت بتصريحات نابية، أو اجتماعات بين من لا يعرفون لمناقشة قضايا المصير، أو مقابلات مع "أقطاب" أو "مراجع" عن المشروع السنوي لتشكيل الحكومة الجديدة في الفاصل بين عهدين أو عن الأسباب الكامنة وراء تعذر انعقاد الجلسة النيابية، أو تعليقات نارية حول الحرب على سوريا وفيها... إلى ان يقطعها رنين الخبر العاجل حول التفجير الجديد. يكاد "الخبر" السياسي الأوحد ان يكون مصدره "داعش" أو "جبهة النصرة" وما يحضر قادتهما الميامين من "غزوات" أو من خطط للقتل الجماعي بما يضمن عودة الضالين إلى أفياء الدين الحنيف ولو مشياً على جثث أطفالهم والأمهات وركام البيوت المنسوفة... أما ما تبقى من النشرات أو الصفحات فعبارة عن مواقف مكررة ومستعادة لا تخفف من هواجس "الرعايا" بل هي تزيد من أسباب القلق على العائلة وعلى الوطن وعلى المصير. ينعدم الإحساس بالمسؤولية عند المسؤولين ويتحولون إلى معلقين على الأحداث مستنكرين أو مطالبين بالحماية الدولية... وفي الفاصل بين التعليق والمطالبة يتم تصنيف الوزارات وأيها المهمة وأيها الأهم، وأيتها التي تحفظ السيادة ولو لم تكن سيادية، وأيتها التي لا قيمة لها حتى لو كانت "تخدم" الملايين من الرعايا. نكتب بالدم عن لبنان. نكتب بالدم عن سوريا. نكتب بالدم عن العراق، وتكاد تضيع منا فلسطين التي أريقت دماء شعبها ألف مرة وما تزال تراق على أعتاب الاحتلال الإسرائيلي والحماية الأميركية... وبعض أمراء النفط يعبّر من سعادته بالتعرف إلى وزيرة الخارجية الإسرائيلية. النفط أغلى من الدم. تماماً كما الوزارة أغلى من الدم. نكتب بدماء ضحايا التفجيرات المتنقلة: من طرابلس إلى الضاحية، من الضاحية إلى صيدا، من عكار إلى الهرمل، من الهرمل إلى طرابلس، من الضاحية إلى عرسال وما خلفها.. نكتب ما لا يقبله عقلنا من أسباب التعذر في تشكيل الحكومة. نكتب ما يرفضه عقلنا من الذرائع والحجج التي تساق لتصوير "التشكيل" وكأنه مقدمة للحرب العالمية الثالثة، أو للاستمرار في تعطيل مجلس النواب بذريعة ان انعقاده يدمر الوفاق الوطني. نكتب بالدم عن انعدام حس المسؤولية عند المسؤولين. نكتب بالدم عن حفلات المزايدة والمناقصة بين "أولي الأمر" بينما "رعاياهم" يتدفقون على السفارات يتوسلون التأشيرات إلى أية دولة تقبلهم في أقاصي أفريقيا أو أوستراليا أو أميركا اللاتينية. يداهمنا اليأس فنطرده: واجبنا ان نرفع صوت الناس بمطالبهم، ان نطالب للرعايا، ونحن منهم، بحقوقهم على دولتهم، و"أصحاب الدولة" بالفخامة والمعالي والسعادة يتواطأون على إدامة اليأس والتمكين له. يشعلون الحرائق الطائفية، ينفخون في جمر المذهبية. يتسببون في اغتيال وطنية اللبنانيين. يصير اللبنانيون قبائل آتية من "الجاهلية" أو ذاهبة إليها. ننام بين انفجارين، نصحو على عقدتين تمنعان تشكيل الحكومة. نخاف ان نمد أبصارنا إلى موعد الانتخابات الرئاسية. من يجرؤ على الافتراض انه سيكون موجوداً في موعدها التقديري الذي يذهب به انفجار أو قد يقدمه طوفان من دمائنا. هل من خبير استراتيجي، أو مفسر أحلام مجدد، أو قارئ فنجان يمكنه ان يبلغنا كم تحتاج الحكومة العتيدة من الضحايا في الانفجارات المتنقلة والتي يقتل في كل منها أكثر من تشكيلة حكومية من الصنف الممتاز؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم تحتاج حكومتنا من دمائنا كم تحتاج حكومتنا من دمائنا



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon