توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكومة الدولية: كله تمام

  مصر اليوم -

الحكومة الدولية كله تمام

طلال سلمان

كل حكومة في لبنان هي "حكومة دولية"، تماماً كما أن كل رئيس لهذه الجمهورية هو "رئيس دولي أو مدوّل". قد تختلف نسب الشراكة فتكون الأكثرية للأقرب والأعظم نفوذاً (سوريا في الماضي مع السعودية التي تستبطن أميركا أو تستبطنها أميركا، ومصر جمال عبد الناصر وضمنه سوريا إلى جانب حصة أميركية بين منتصف الخمسينيات وحتى نهاية الستينيات) وتكون للغرب حصة شائعة (فرنسا من قبل، ثم فرنسا وبريطانيا لفترة ثم الولايات المتحدة الأميركية منفردة مع جائزة ترضية لفرنسا... ورسالة تطمين لإسرائيل). وكل لبناني يصلح لأن يكون رئيساً، وكل لبناني يصلح لأن يكون وزيراً من حيث المبدأ.. لا تهم مهنته قبل توزيره، وليس وارداً أن يناقش توزيع الحقائب بحسب الاختصاص عند التشكيل! التشكيل يقبل ـ بطبيعته ـ الأصناف جميعاً، فالأصل هو الانتماء الحزبي أو التوجه السياسي (!!) فيكون الطبيب وزيراً للصناعة، وصاحب المصرف وزيراً للثقافة، والمعلم في المدرسة الرسمية وزيراً للاتصالات، والصناعي وزيراً للدفاع... أما رجل الأعمال فيمكنه أن يتولى أية حقيبة إذ يفترض فيه أن يفهم في أي مجال وكل مجال. المهم أن يحصل أي من هؤلاء وأمثالهم على حقيبة أية حقيبة، وهو سيملأها بإنجازاته الباهرة. ثم إن "العالم" جميعاً يشارك في تشكيل الحكومة الدولية للبنان، بعضه عن قُرب، وبعضه الآخر عن بُعد.. والحمد لله إن أسباب التواصل والاتصال قد سهّلت الأمور إذا ما أشكلت على السفراء المعتمدين في بيروت (وبعضهم قد يمتد ظله إلى عواصم أخرى...). ولقد كشفت اتصالات التهنئة بالحكومة الجديدة حجم التأييد الدولي لها، فبادر رؤساء دول عظمى ووزراء خارجية دول كبرى، قبل ملوك العرب وأمرائهم، إلى تهنئة اللبنانيين بهذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق. من باب أولى أن تشترك دول العالم غداً، غرباً وشرقاً عرباً وعجماً، في انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية... وقد نشهد تظاهرة دولية في قلب المجلس النيابي، مرة أخرى، تدليلاً على الأهمية الكونية الاستثنائية لهذا الوطن الصغير. اللافت أن الشعب اللبناني العظيم يعتبر هذه المشاركة الدولية من علامات التسليم بعبقريته والأهمية الاستثنائية لدولته التي تكاد تضيق به وعليه ولا يتحرّج من الاعتراف بأن مواقع القرار في موطن الأرز تمتاز بأنها "دولية" لكل قادر فيها نصيب. كيف يمكن للمواطن (في حال وجوده) أن يحاسب حكومته الدولية هذه؟! هل هو مجلس الأمن الدولي؟! .. وفي حالة الحكومة الجديدة التي أمكن استيلادها قيصرياً في ليل، وتمّ تعديلها الأول مع الفجر، ثم تمّ تعديل التعديل قبيل الظهر مما تسبّب في تغييب اثنين من الموزّرين بالنكاية عن الصورة التذكارية (وإن أمكن الاستدراك، رسمياً، بفضل الفوتوشوب) فإن تمنيات "من لهم علينا الخاطر" قد يسّرت الأمر، مع وعي المعنيين أن بعض "الأصدقاء" سيعتبون وأن بعضاً آخر سيغضبون، وستمكن المعالجة لاحقاً وبعد إنجاز المهمة الشاقة التي ينتظرها العالم. ـ هي حكومة شهور ثلاثة، فلا بأس إن وُلدت وفيها بعض التشوّه. ـ ولكنها تطلّبت عشرة شهور وعشرة أيام.. فهل تستحق مثل هذا العناء والحروب التي استخدمت فيها الأسلحة جميعاً، الطائفية والمذهبية، الجهوية والمناطقية، التشهير والتكفير، التخوين و"التمنين"؟! ـ كل هذا لا يهم... المهم أن الإنجاز باهر! ها قد غدا لكم حكومة مؤهلة لاتهامها بالعجز والقصور. ومَن عمل على ولادتها كان يهتم باستيلاد معارضتها معها، وهذا هو الإنجاز الأخطر. مَن كان يستطيع التصور أن بالإمكان، وفي لحظة الاحتدام السياسي ـ الطائفي ـ المذهبي في المنطقة جميعاً، أن تشكّل حكومة يرحّب بها الأميركان ولا تعترض عليها طهران، وتستقبلها فرنسا بالتهليل من دون أن تغضب دمشق، وتهنئ على إنجازها موسكو من دون أن تستفز السعودية التي تنظر إلى ذاتها على أنها "القابلة القانونية" لهذه الحكومة الدولية؟ "كله تمام"... تمام التمام، وها هي بيروت تعود إلى رئاسة الحكومة الدولية، بعد غياب طويل.. وسينسى الناس كيف تمت الولادة إذا ما أثبت "المولود" أنه قابل للحياة، ولن يقتله الشركاء في استيلاده، إذا ما اختلفت الحسابات غداً على أبواب "معركة العصر" التي سوف تقرّر مَن هو القادم الجديد إلى القصر الجمهوري بعد مئة يوم تعدّون؟!  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة الدولية كله تمام الحكومة الدولية كله تمام



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon