توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل تُخرج « العرب» من التاريخ.. إعلان «الدولة القومية» يلغى فلسطين وشعبها

  مصر اليوم -

إسرائيل تُخرج « العرب» من التاريخ إعلان «الدولة القومية» يلغى فلسطين وشعبها

بقلم - طلال سلمان

خرج العرب من التاريخ، وهم على وشك الخروج من الجغرافيا أيضا..

لقد غدوا شعوبا شتى، مقتتلة فيما بينها، مستسلمة للعدو سواء أكان الإسرائيلى المحمى بالأساطيل الأمريكية والتنازلات العربية، أم الملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء الذين تنازلوا عن هويتهم القومية وثرواتهم الوطنية مقابل الحماية الأمريكية..

فكيف تبقى فلسطين «عربية» ويصمد شعبها فى مواجهة العدو الإسرائيلى والتنازلات العربية التى بلغت فى حالات عديدة مستوى الخيانة والتفريط فى الأرض الوطنية والهوية القومية والواجب الدينى، حماية الأرض المقدسة؟

من كامب ديفيد إلى البحر الميت فى الأردن إلى الاتفاق المبتور فى أوسلو، كانت القضية المقدسة تخرج من المزايدة إلى المناقصة وقد خسرت بعض قداستها..

بالمقابل كانت دولة الكيان الصهيونى تكتسب المزيد من الشرعية والتسليم بأنها أقوى من العرب مجتمعين، وبالتالى فمن «حقها» أن تطلب المزيد من التنازلات إضافة إلى الاعتراف بوجودها فى هذا المحيط الذى كان اسمه الوطن العربى وتم تبديل هويته ذات ليل فغدا اسمه «الشرق الأوسط».. ثم أضاف الأمريكيون إلى التسمية «الشرق الأوسط الجديد» بعاصمته إسرائيل، والواقع تحت الهيمنة الأمريكية مع التسليم بحصة محددة ومحدودة لروسيا بوتين بعنوان سوريا.

فى البدء كان خروج مصر من الصراع بمعاهدة كامب ديفيد تطورا خطيرا فتح الصفحات لتاريخ جديد لهذه المنطقة تحتل فيه دولة الكيان الصهيونى التى رفض العرب ــ برغم الهزائم ــ الاعتراف بشرعيتها والتسليم بوجودها إلا كدولة «عدو» فى هذه الأرض العربية، تشكل تحديا مفتوحا لحقهم فى أرضهم وبالتالى لهويتهم الجامعة، خصوصا وقد نجحت فى قطع التواصل البرى بين المشرق العربى وعرب مصر وسائر دولهم الإفريقية..

***

وعندما لحق الأردن بمصر فعقد معاهدة الصلح والاعتراف بالعدو الإسرائيلى انقسم العرب معسكرين: دول الخليج العربى بعنوان السعودية أدارت وجهها إلى الناحية الأخرى، ثم تجرأت إمارة قطر فاندفعت نحو الاعتراف بالكيان الصهيونى مع ضمانة قاعدة العيديد الأمريكية فيها و«عدم اعتراض» الإخوان المسلمين (جديا) على هذه الخطوة التى تحاذى «الخيانة» بالمفهوم القديم.

كان عراق صدام حسين مشغولا بحروبه المكلفة: سبع سنوات عجاف ضد الثورة الإسلامية بقيادة الخمينى فى إيران. ثم «غزوة الكويت» التى كلفت إنشاء «تحالف عربى» تحت لواء الولايات المتحدة الأمريكية لإخراجه من هذه الدولة الصغيرة الغنية بالنفط، والتى تعانى من رفض العراقيين فى البداية (أواخر الخمسينيات أوائل الستينيات) الاعتراف بها «دولة» والإصرار على أنها «بعض المحافظة 19 فى العراق، أى محافظة البصرة»..

وبالتأكيد، وبالحكم على النتائج بمعزل عن المتسببين والمنتفعين فإن هذه المغامرة العبثية وطدت الوجود الأمريكى العسكرى، الآن، فضلا عن النفوذ السياسى الذى كان يتزايد باستمرار مع تراجع الاتحاد السوفيتى حتى زواله تماما، وعودة روسيا القيصرية بزعامة قيصرها الجديد بوتين، الذى أعاد أمجاد ستالين وخروتشوف معا، وانتزع الإقرار الأمريكى به «شريكا».

وكان الشرق الأوسط الجديد ــ كما تسمى بلادنا العربية الآن ــ محور صفقة الشراكة التى تضمنت طرفا ثالثا فى موقع الشريك كامل العضوية: إسرائيل..

ولقد أثبتت التجربة، على امتداد السنوات الماضية، أن روسيا قد اعتبرت إسرائيل شريكا ثالثا فى المنطقة، إضافة إلى سوريا وبعض مناطق النفوذ... أخذا بالاعتبار أن الجالية الروسية التى نزحت إلى الكيان الصهيونى تناهز المليون نسمة ليسوا كلهم من اليهود وإن كانوا من «المهاجرين»، بحيث يمكن اعتبارهم أكبر جالية جاءت من «الشرق الشيوعى» السابق إلى الكيان الصهيونى.
ومع تراجع حدة «الحرب الباردة» حتى انعدامها تقريبا، نشأ نوع من «الشراكة» الأمريكية ــ الروسية كان بين عناوينها، فضلا عن دولة العدو الإسرائيلى.. سوريا، مع سماح أمريكى لروسيا ومعها الصين بالتعاون مع دول الجزيرة والخليج مع «دول المعسكر المعادى ــ سابقا» بعنوان النفط والغاز، حيث يحتاج ملوك النفط والغاز إلى روسيا المنتجة كميات هائلة من هاتين المادتين الثمينتين..

***
هكذا صار «الحليف الدولى الأكبر» للعرب بعنوان مصر وسوريا والعراق، ذات يوم من الستينيات وأوائل السبعينيات والذى هجره العرب دولة بعد أخرى، صديقا كبيرا لإسرائيل وشريكا أساسيا للأمريكيين فى حمايتها وتأمينها، بعد خيبة أمل روسيا من العرب وتخليهم عنها عند أول منعطف..

مع الاحتلال الأمريكى للعراق ــ بالكامل ــ وإسقاط صدام حسين وتسليمه للشيعة فى العراق ــ تحديدا ــ لكى تكون فتنة بين السنة والشيعة تشغل العراقيين عن مقاومة الاحتلال، «تخلصت» إسرائيل من القوة العربية الثانية بعد مصر..

ثم بعد انفجار أو تفجير الحرب فى سوريا وعليها فى العام 2011، انشغلت سوريا بجراحها، فزاد اعتمادها على روسيا التى عززت وجودها العسكرى فيها، واتخذت من مطار حميميم على الساحل السورى قاعدة لها، بينما جاءت بشرطتها العسكرية لتشرف على «المصالحات» بين النظام والمعارضات المتعددة.. لكن ذلك لم يمنع سلاح الجو الإسرائيلى من الإغارة على ما كان يصفه بـ«القواعد الإيرانية فى سوريا»..

***
على الرغم من كل هذه التطورات فقد تمكنت المقاومة الإسلامية فى لبنان من إجلاء قوات الاحتلال الإسرائيلى من الأراضى اللبنانية التى احتل بعضها فى شهر مارس من العام 1978 ثم اجتاح معظم لبنان، بما فيه القصر الجمهورى فى بعبدا، والعاصمة بيروت فى يونيه 1982 لإخراج المقاومة الفلسطينية منه.. وقد «تطوعت» الولايات المتحدة الأمريكية يومها بدور «الوسيط» لتسهيل خروج هذه المقاومة وقيادتها بزعامة الراحل ياسر عرفات عبر مرفأ بيروت إلى تونس حيث استقرت حتى اتفاق أوسلو، الذى سمح بعودة الزعيم الفلسطينى إلى أرضه المحتلة مع ما كان تبقى من «عسكره» الذى تحول إلى «شرطة» تمارس دورها القمعى تحت إشراف الاحتلال الإسرائيلى وبإدارته.
ولفترة معينة تبدى أن المقاومة الإسلامية فى لبنان «حزب الله» المدعومة من إيران، هى القلعة العربية الأخيرة التى تقاوم تمدد الاحتلال الإسرائيلى و«التسليم» العربى بالصلح مع هذا العدو القومى والدينى..

وهكذا شنت قوات العدو الإسرائيلى «حرب تموز» التى امتدت من 12 يوليو حتى 11 أغسطس عام 2006.. وكانت حرب تدمير لمعالم العمران فى معظم أنحاء لبنان، خاصة جنوبه والضاحية الجنوبية لبيروت، وبعض الجبل والشمال، مع تركيز على خطوط إمداد المقاومة التى تأتيها من إيران عبر سوريا.

وعلى الرغم من فشل هذه الحرب الإسرائيلية فى تحقيق أهدافها، وأخطرها تدمير المقاومة التى يمكن أن تكون النموذج، فقد تذرعت الدول العربية بأعذار كثيرة حتى لا تشارك فى صد «العدوان»، واكتفت بإيفاد وزراء الخارجية إلى بيروت عبر القاهرة وعمان حصرا، وفق الشروط الإسرائيلية.. وبعد جولة قصيرة عاد الوزراء كما جاء واكتفوا بإصدار بيان يكاد يساوى بين القاتل والضحية، ومن القاهرة لا من بيروت حيث الحرب، وحيث تم الاجتماع الخطير..
*** 
هذه بإيجاز، بعض المحطات لخروج العرب من التاريخ..
هناك اليوم أربع دول عربية، على الأقل، تعترف بدولة العدو الإسرائيلى التى أعلنها وأرادها ابتداء من الأمس، رسميا، «دولة يهود العالم» و«الدولة القومية ليهود العالم» متجاهلا وجود أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى فى الأرض التى يريدها مطهرة من غير اليهود..
هذا مع التذكير بالملايين الأربعة (تقريبا) من الفلسطينيين فى الضفة الغربية، (من دون أن ننسى ملايين الفلسطينيين الذين شردهم الاحتلال الإسرائيلى فى أربع جهات الأرض)..

إن إعلان العدو الإسرائيلى، دولته دولة يهود العالم، وعدم الاعتراف بأهلها ــ أصحابها الأصليين والثابتين فيها من العرب، هو بمثابة إعلان حرب على العرب مجتمعين..

ولكن أين العرب؟
لقد خرج العرب من عروبتهم إلى هويات مزيفة أو مستعارة من النفط أو الغاز أو الطائفية أو المذهبية، فى حين جاء يهود العالم إلى فلسطين ليحتلوها ويحولوها إلى دولتهم القومية، بينما يتوزع العرب بين مصالح بالتخاذل أو مصِالح بالرشوة ومتطوع بالصلح مجانا..

«وطنى لو شُغِلْتُ بالخلد عنه … نازعتنى إليه فى الخلد نفسى»

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل تُخرج « العرب» من التاريخ إعلان «الدولة القومية» يلغى فلسطين وشعبها إسرائيل تُخرج « العرب» من التاريخ إعلان «الدولة القومية» يلغى فلسطين وشعبها



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon