توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة في صور الشهداء!

  مصر اليوم -

قراءة في صور الشهداء

بقلم طلال سلمان

في التاريخ، أي تاريخ لأي شعب أو وطن، صفحات سوداء يستحسن أن تُطوى فتُنسى لتستقيم حياة الناس (الشعب) خارج جهنم الأحقاد ولوثة الثأر والرغبة في الانتقام متى واتت الظروف وتبدلت موازين القوى، وجاءت اللحظة المناسبة لطي صفحة ماضٍ مضى ومن الواجب التخفف منه.

مناسبة هذه «المقدمة» استذكار بعض المتطرفين من بقايا «القوات اللبنانية» ـ الأصلية؟ ـ الذكرى المنسية لاغتيال قائدهم الراحل الشيخ بشير الجميل الذي وصل، بل أُوصل، في الوقت الغلط وبالأسلوب فاضح الغلط إلى منصب رئيس الجمهورية بشيء من الزور مع شيء من التهديد والرشوة متعهداً بالشراكة، مع «الراغبين في الانضمام إلى قافلة العهد الجديد..»، وهم قد استذكروه بنشر لوحات برسم مجسم للشيخ الذي انتُخب في ثكنة عسكرية بالفياضية، بحراسة قوات الاحتلال الإسرائيلي، رئيساً، ثم جاء اغتياله قبل أيام قليلة من تسنّمه المنصب الرفيع، «فورثه» فيه شقيقه الشيخ أمين..

كان ذلك في زمن الاجتياح الإسرائيلي الذي تمدد من جنوب لبنان إلى بعض الجبل وصولاً إلى بيروت، حيث ارتُكبت بإشرافه ـ وكشافاته المضيئة ـ وتحت رعايته مذبحة رهيبة في مخيمي صبرا وشاتيلا ذهب ضحيتها أكثر من ألف وخمسمئة إنسان، أكثريتهم من النساء والأطفال والكهول والشيوخ من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيهما منذ دهر، ومعهم عدد من الشبان وكثير من الأطفال الذين لم تكن أمامهم فرصة للهرب، ناهيك بالمواجهة، وكذلك عدد من فقراء اللبنانيين والعمال السوريين الذين اتخذوا من المخيم دار سكن.

ولقد اجتهد حزب الكتائب في التنصل من مسؤولية تنظيمه المقاتل «القوات اللبنانية» التي كانت بقيادة الشيخ بشير الجميل، عن هذه المذبحة المروعة... لكن العدو الإسرائيلي كانت له مصلحة مباشرة في رمي التهمة على «حلفائه» اللبنانيين، لتبرئة جنود احتلاله بقيادة السفاح ارييل شارون... خصوصاً وأن المذبحة كانت مهولة بحيث لا يمكن أن تُغتفر أو تُنسى، وقد وثّقتها، في ما بعد، مؤسسة برتراند راسل، بوصفها جريمة ضد الإنسانية. كما ان الباحثة المحترمة الدكتورة بيان نويهض قد أنفقت سنوات من البحث والتدقيق وتجميع الشهادات والصور لتوثيق هذه الجريمة ضد الإنسانية، في كتاب مرجعي ترفعت فيه عن توجيه الاتهامات السياسية واكتفت بعرض الوقائع وشهادات الناجين وما توصلت إليه مؤسسات دولية من استنتاجات محايدة.

محيّر هذا الاستذكار المتأخر للشيخ بشير الجميل، ومن دون مناسبة، إلا إذا كانت «القوات اللبنانية» ـ 2 أو 3 أو 4؟ ـ تحاول تقديم نفسها مجدداً عبر هذه الصورة التي تحمل في خلفيتها ذكريات سوداء يجهد اللبنانيون (والفلسطينيون) في تجاوزها (وليس نسيانها).
ونحب أن نفترض أن حزب الكتائب بقيادته الجديدة، من البيت الواحد، لا علاقة له بهذا الاستذكار المتأخر، والذي من شأنه أن يشوّش على الحزب وأن ينكأ جراحاً غائرة لا تفيده في حاضره أو مستقبله.

واعترف بأن طريقي، امس الأول، من بيروت إلى بنت جبيل للمشاركة في احتفال «موقع بنت جبيل الالكتروني»، الذي حقق نجاحاً قياسياً، ثم العودة إلى بيروت بعد منتصف الليل، كانت ممتعة إذ رافقتني، في الذهاب والإياب، صور الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي طوال عشرين عاماً تقريباً حتى أجبروه على الانسحاب ذات ليل من أيار 2000، ثم في مواجهة حربه المدمرة في تموز ـ آب 2006، والتي نحتفل هذه الأيام بالذكرى العاشرة للانتصار فيها..

لعل هذه الطريق المزينة بصور المئات من الشهداء في المواجهات مع العدو قبل التحرير، ثم في المواجهات البطولية مع جيشه المصنف بين أقوى جيوش العالم تجهيزاً وتسليحاً، على امتداد ثلاثة وثلاثين يوماً استغرقتها «حرب تموز» قبل عشر سنوات..
لعل هذه الطريق التي تكتسب الآن ملامح الشهداء الذين تصدوا لجيش العدو فأحرقوا دباباته وواجهوا جنوده، وجهاً لوجه في بنت جبيل وعيترون وسهل الخيام ومارون الراس وعيناتا وصفّ الهوا ووادي الحجير والطيبة وعشرات المواقع الأخرى الخ..
لعل هذه الطريق بصور الشهداء تخترق العتمة منيرة الطريق ما بين بيروت وجبل عامل تحيّي العابرين وتطمئنهم إلى أن وطنهم بخير، وهو لهم.

على أن ذاكرة لبنان السياسية تخترق النسيان... وهذه بين ضرورات الوحدة الوطنية!
عشتم وعاش لبنان!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في صور الشهداء قراءة في صور الشهداء



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon