توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضجيج الانتخابات البلدية وهدوء الطبقة السياسية؟!

  مصر اليوم -

ضجيج الانتخابات البلدية وهدوء الطبقة السياسية

بقلم طلال سلمان

أما وأن العالم قد نسي لبنان أو تناساه، ولا يريد منه إلا حفظ استقراره بقدراته الذاتية،
وأما وأن العرب المذهبين قد فرضوا عليه حصارهم تأديباً له على مقاومته ومواجهة الحرب الإسرائيلية وإلحاق الهزيمة بهذا العدو الذي يرونه قد أخذ يجنح إلى السلم، الآن، فلا بد من رد التحية بأحسن منها،

وأما وأن الدولة مغيبة تماماً، وبمؤسساتها السيادية أساساً: فانتخاب رئيس جديد للجمهورية معطل، والمقعد شاغر منذ نحو السنتين، والقصر مفتوح على الفراغ..

والمجلس النيابي يستطيع أن يمدد لنفسه بنفسه، من دون أن يربح «جميلة» الشعب وتمنينه بأنه إنما هو موجود بفضل أصواته،
.. وأما وأن الحكومة حاضرة ـ غائبة، مشلولة القرار، معطلة عن الفعل، يحتاج نصاب كل جلسة من جلساتها كمجلس للوزراء إلى جهود خرافية.. وأما التوافق على جدول الأعمال فإلى معجزة، وأما اتخاذ القرار في أي أمر أو مسألة أو مشكلة فإن ذلك يحتاج إلى سلسلة من الأعاجيب... ومع ذلك فهي تستمر على قيد الحياة، ولو بلا فعل..

... فمن الطبيعي أن يفرح اللبنانيون، الممنوعون من إبداء رأيهم في شؤون حياتهم، والمشاركة في القرار حول المآزق التي يعيشها بلدهم الصغير والجميل، حين تدعوهم حكومتهم ـ بشخص وزير داخليتها منفرداً بشجاعة اتخاذ القرار ـ إلى ممارسة حقوقهم في انتخاب مجالس بلدية ومخاتير في مدنهم والبلدات والقرى، بعد تمديد غير مبرر، بسبب ادعاء الحكم العجز عن تحمل المسؤولية عن إجراء انتخابات آمنة في كل لبنان،

مع ذلك فإن السؤال الذي يتردد في كل مكان يبقى هو هو، حتى لحظة فتح أبواب أقلام الاقتراع: هل ستجري الانتخابات البلدية والاختيارية فعلاً؟!

ينشر المرشحون صورهم لصقاً على الجدران، ويبث بعضها في نشرات الأخبار المتلفزة، ويدلون بتصريحات «خطيرة» عن التغيير الآتي مع فوزهم، ويطلقون الوعود حول برامجهم للإنجاز، قبل أن يلتفتوا إلى من حولهم بالسؤال: هل تصدقون أننا ذاهبون فعلاً إلى الانتخابات أم تراها سوف تلغى في اللحظة الأخيرة «لأسباب قاهرة» يلخصها «الخطر الأمني»؟!

تنشر الصحف، يومياً، صفحات حافلة بتفاصيل التفاصيل عن معارك سوف تحصل، وعن تفاهمات قد تلغي «الحروب» المحتملة، والصور.. الكثير من الصور، لمرشحين ومرشحات من خارج السياق التقليدي، ودعاة تغيير جدي لكي يصبح للعمل البلدي دوره في تنمية المدن والقرى (مع التركيز على بيروت العاصمة التي قد توفق إلى مجلس بلدي ناهض بالمسؤولية يخدم عمرانها وتقدمها كمدينة جاذبة للأخوة العرب كمركز من مراكز نهوضهم، فضلاً عن الحرص على أهليتها لاستيعاب المليون من أبنائها و «الوافدين» الذين يقطنونها باعتبارها «المركز»).

تبث الشاشات، على اختلاف توجهاتها، تحقيقات مصورة عن المدن والبلدات وصولاً إلى القرى والدساكر، فيكتشف الكثير من المواطنين لبنانهم الذي لا يعرفونه.. كما تبث تفاصيل عن التحالفات الأكيدة ومخاطر الصراع البلدي الأمنية، وعن مخاتير القرن الحادي والعشرين الذين تغنيهم معرفتهم بالقراءة والكتابة عن الختم وبصمة الإبهام الأيمن تصديقاً لشهادة ميلاد أو طلب إخراج قيد.
تشهد الجدران بما تراصف فوقها من صور لمرشحات ومرشحين، بأن الانتخابات ستجري في أجواء من التنافس الجدي بين «قوى الماضي» ـ بالإقطاع فيه سياسياً ودينياً ـ وبين رجال «العهد الجديد» وسيداته والأوانس من المرشحات الذين يضفون حيوية استثنائية على هذه المعركة التي قد تفتح الأبواب الموصدة أمام التغيير السياسي، ولو بحدود مضبوطة، في هذه البلاد التي نظامها السياسي (الطائفي في جوهره) أقوى بما لا يقاس من قدرات شعبها المحبوس في أقفاص طوائفه والمذاهب (وحملة مفاتيح هذه الأقفاص يتسلون بالفرجة عليه..).

يطوف المرشحون على الناخبين في بيوتهم، يتخطون حواجز الخلافات العائلية وحساسيات ذوي القربى، يطلقون الوعود والتعهدات بالتغيير الذي بات شرط حياة إلخ..

لكن اللافت أن أهل الطبقة السياسية، أقطاباً وأتباعاً، يبدون مطمئنين بما يثير الريبة في جدية التوجه ـ فعلاً ـ إلى الانتخابات، أي انتخابات، وكل انتخابات.

وهنا مكمن السر: هل أن هؤلاء الأقطاب الذين يتحكمون بأسباب حياة الناس قد تغيّروا، أم أنهم مطمئنون إلى أن الانتخابات ستكون مضبوطة وفق ما يرغبون، أم أن مصدر اطمئنانهم يعود إلى أنها لن تتم لسبب أو لآخر لا يعرفه إلا الراسخون في العلم.
إن مصدر القلق على الانتخابات البلدية، تكون أو لا تكون، إنما يكمن في هدوء هؤلاء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضجيج الانتخابات البلدية وهدوء الطبقة السياسية ضجيج الانتخابات البلدية وهدوء الطبقة السياسية



GMT 02:25 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 13:02 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

"في وداع

GMT 21:01 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الأنظمة العربية تتقارب.. بالأمر! هل آن زمن العودة إلى الذات؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon