توقيت القاهرة المحلي 20:36:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهجوم الملكي يقتل العروبة والإسلام معاً!

  مصر اليوم -

الهجوم الملكي يقتل العروبة والإسلام معاً

طلال سلمان

انتهى زمن الكمون في موقع دفاعي وشراء الصمت عن الهرب من الميدان الأصلي (فلسطين) بحفنة من الريالات: لقد دقت ساعة الهجوم الشامل الكاسح، وآن أن ترتدي المملكة المذهبة الكاكي وتندفع إلى قتال الخارجين على الطاعة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً وحيثما ارتفع صوت بالاعتراض.

على امتداد سنوات كان يتم شراء الحكام المفلسين سياسياً والعديد من الأحزاب والتنظيمات التي قاتلت العروبة بالإسلام المذهّب، واسقاط القضية الفلسطينية عمداً، ومجافاة الدول العربية، التي حفظ لها قادتها كرامتها الوطنية، بقصد تركيعها وإدماجها في القطيع...
كان سهلاً تطويع حكام الخليج، وجلهم من جيل آخر غير جيل الآباء الذين رأوا في النفط والغاز نعمة أسبغها الله عليهم، من حيث لا يتوقعون، وبالتالي فمن حق إخوانهم الفقراء ان ينالوا شيئاً منها طالما ان الرزق وفير يتدفق على مدار الساعة ذهباً أسود وغازاً بلا لون.. ثم انهم أهلهم، يحمونهم إذا تهددهم خطر، ولا يطلبون اجراً ولا جزاء، إلا ما تفرضه الأخوة ووحدة المصير.

فالجيل الجديد من الأمراء والشيوخ تربى في أحضان المخابرات (بريطانية بالأساس ثم أميركية). وأُفهِموا ان مصدر الخطر الوحيد عليهم هو (العروبة)، إذ سيتدفق عليهم أبناؤها الفقراء طالبين العون، وسيفتحون عيون أبناء البلاد على واقعهم المزري: يسبحون في بحر العوز والجهل والقهر بينما الذهب يتدفق من أرضهم انهاراً، ثم يختفي في الخزائن الملكية ولا يصرف منه بعد القصور والحرس والمخابرات والمطاوعة والعسس إلا الفتات على عامة الناس والدهماء المشكوك في ولائهما دائماً.

أما سائر الحكام (معظم العرب وكثير من الآسيويين والأفارقة) فتكفيهم مساعدات تؤكد ولاءهم وتبعيتهم ليغدو المعسكر الملكي هو الأقوى بمناصريه واتباعه ويتقدم ليتصدر كل التجمعات الإقليمية والإسلامية... ومعظمها فقير. يوفد جنده ليعملوا في خدمة أهل السلطان، ويوفد أبناءه ليعملوا في تنظيف الشوارع أو عمالاً بلا قيود في ورش البناء وخدمة البيوت.

بعد «توحيد» الجزيرة والخليج كان لا بد من تطويع اليمن الذي كان، في الغالب الأعم رهينة المملكة المذهبة.. فرئيسه كان من الدعاة لأصحاب الجلالة والسمو بطول العمر، فلما برزت فيه حركة شعبية عنفية تمكنت من خلع علي عبد الله صالح (الذي كان يتباهى بأنه حكم أكثر من أربعة ملوك من آل سعود ومن كل الرؤساء العرب)، ونجحت في توحيد اليمنيين خلف مشروع لإعادة بناء بلادهم؛ تنبهت مملكة الصمت والذهب إلى خطرها فكانت حرب التدمير والقتل على اليمن باسم «الأمل»!!

قبل اليمن ومعها كان لا بد من الثأر من سوريا التي أنكر نظامها جميل المملكة وتمرد على الإرادة السنية. وهكذا شنت عليه حملة تأديب بكل الأسلحة: التحريض الطائفي وتعزيز اشتات المعارضات، ومدّها بمختلف أنواع السلاح، بما في ذلك صواريخ تاو، ومحاولات شق الجيش بشراء بعض ضباطه باسم الإسلام المذهّب، والتواطؤ مع تركيا ذات الأطماع التاريخية المعلنة... مع تطمين العدو الإسرائيلي بأن هذه «الحرب» تخدمه، وتفتح الأبواب لتعاون مستقبلي يبدأ سرياً ثم تعلن عنه التطورات... وبينها بعض اللقاءات غير الرسمية مع «أمراء خارجين على الطاعة» أو أنهم ليسوا في الخدمة الفعلية.

وقبل اليمن ومعها كان لا بد من «تأديب» العراق بالفتنة: كيف تسعى الأكثرية إلى قيادة الحكم محافظة على الشريك الذي يتداخل معها نسباً وأرض إقامة ومصيراً وطموحاً إلى دولة مركزية قوية في أرض الرافدين.. وعلى هذا لا بأس من أن يجتاح «داعش» العراق وأن يعلن «خليفته» ومن الموصل قيام «الدولة الإسلامية».. هذه مسألة فيها نظر ستأتي بالعراق تائباً طائعاً طالباً النجدة بأي شرط.
بعد اليمن ومعها جاءت الفرصة القدرية لأسر مصر بفقرها وبحاجتها الماسة إلى المساعدة... وللمساعدة شروط لا يمكن رفضها، فكان أن أخضعت السلطة في مصر، وإن بشيء من التردد الذي يسقط بضغط الحاجة.

أما الممالك فتضامنها حتمي، وهكذا انضم الأردن والمغرب إلى المعسكر المذهّب. صارت المملكة المذهبة قيادة للأكثرية الساحقة من دول العرب والمسلمين... ولتحضر إيران إلى ميدان المواجهة! وتدخلت المقادير لتخدم المملكة بتظاهرات طائشة في طهران ومشهد، فكانت الفرصة لشن الحرب وتجنيد المناصرين جميعاً فيها: لا بد اذن من العروبة! وفجأة انتبه الملك ووليا عهده، الأول والثاني، وحكام الخليج، إلى أنهم هم هم العرب الأقحاح (ولينتظر الإسلام قليلاً)..

جاء وقت القرار: «حزب الله» إرهابي... هكذا قررت المملكة والشيوخ المذهَّبون!
وكان لا بدّ من رفع الأمر إلى أعلى: جامعة الدول العربية، التي لم تعد جامعة ولم تعد عربية بالفعل، بعدما صار الموقعون على اتفاقات العار مع العدو الإسرائيلي يُمسكون بالمقر ويبيعون قرارهم للقادر على الدفع! ألم يطردوا سوريا، العضو المؤسس من قبل استيلاد هذه المشيخات وجعلها دولاً تحكم بذهبها؟ اذن بوسعهم إدانة «حزب الله» ووصمه بالإرهاب بدليل قتاله العدو الإسرائيلي عقدين من الزمن، والانتصار على حربه على لبنان قبل عشر سنوات، ثم محاصرته بنيرانه، بحيث تحسب له إسرائيل حساباً يفوق أي حساب للدول العربية جميعاً.

كيف، اذن، لا يكون هذا الحزب إرهابياً؟
طالما ان إسرائيل دولة مسالمة تمد يدها إلى العرب مصالحة فإن «حزب الله» إرهابي بالتأكيد، ولا بد من وضعه على القائمة السوداء!

وهكذا أطلقت السعودية ومعها مَن والاها من حكام الخليج رصاصة الرحمة على جامعة الدول العربية التي كانت سلطات القاهرة قد استبقت هذا القرار بتعيين أبو الغيط منظماً للجنازة والمشرف على التشييع، باسم الملوك والأمراء وأولياء العهود المذهبين...
وليخرج «الإرهابيون» من رحاب العروبة بعدما تم إخراجهم من رحاب الدين الحنيف!
ولتسرح إسرائيل وتمرح في رحاب العروبة والدين الحق!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجوم الملكي يقتل العروبة والإسلام معاً الهجوم الملكي يقتل العروبة والإسلام معاً



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon