طلال سلمان
نعرف جميعاً أننا نعيش في مرحلة انتقالية نخاف فيها من يومنا على غدنا... ولكن لا بد من التخلص من الشعور بالفجيعة والتحرك لإنقاذ الغد.
نعرف أن سوريا ما بعد الحرب فيها وعليها ستكون بحاجة إلى المساعدة ولن تكون مصدراً للدعم.. لكن عداءها سيظل مكلفاً، وبالتالي فلا بد من إعادة صياغة الموقف منها بما يحفظ الوحدة الوطنية من التفكك والانقسام بعنوان سوري. ليست لدينا القدرة على إنهاء الحرب، ولكننا نستطيع أن نكون عاملاً مفيداً في حصر الأضرار، وتأكيد احتياج العرب جميعاً، ولبنان بالذات، إلى سوريا موحدة ومعافاة.
إن تجربة الماضي تؤكد أن السعودية ليست «العرب» جميعاً، كما أن هذه المملكة المذهبة ليست الممثل الشرعي والوحيد للغرب بقيادته الأميركية.
ومؤكد أن الحكم بإعدام المناضل الفذ الشيخ نمر النمر لطخة عار على جبين الأسرة الحاكمة التي فرضت اسمها على الأرض المقدسة التي شرّفها الله برسالة الدين الحنيف التي حملها الرسول العربي محمد بن عبد الله.
وإنها لمفارقة لا مثيل لها عبر التاريخ أن تحمل أرض النبوة اسم أسرة احتلت أرجاء تلك المنطقة بالسيف، وفي ظل تواطؤ معلن مع دول الاستعمار، قديمه البريطاني وحديثه الأميركي.
لولا رعونة الحكم السعودي ومغامراته العسكرية، مباشرة كما في اليمن، وعبر «الوكلاء» كما في الحرب في سوريا وعليها، لكان ممكناً المراهنة على أن تلعب هذه المملكة دوراً طيباً في إعادة الحياة إلى «الدولة» في لبنان... أما وأنها قد غدت طرفاً محارباً في اليمن، وفي سوريا، ولو بالواسطة، وضد إيران، بتغذية نار الفتنة التي تصيب في طريقها العراق، فقد غدت في موقع الخصم، مغذي مشاريع الحرب الأهلية آكلة الدول... وربما تسقط هذه المملكة المذهبة ضحية مغامراتها.
برغم ذلك كله فمن المرجح أن يكون العام 2016 عام التسويات، أو ـ أقله ـ المباشرة في إنجاز التسويات، في كل من سوريا، العراق، اليمن، ليبيا.. فضلاً عن تونس.
ومؤكد أن هذه التسويات ستتم بغطاء دولي: روسي ـ غربي، مع دور إيراني لا يمكن شطبه وإن كان سيتم تحديده بحيث يظل مؤثراً في لبنان، مساعداً على الحسم في سوريا، أساسياً في العراق على حساب روسيا، إلا إذا تمت صفقة كبرى مع الأميركيين على مستوى المنطقة ككل... ودائماً في غياب أهل المنطقة أو في ظل حضورهم رمزياً.
ليس الشيعة العرب إيرانيين بالمطلق،
وليس السنة العرب أتراكاً بالمطلق.
والمجال يتسع لتسوية تاريخية تأخذ بالاعتبار التكوين الفعلي والدائم للعراق، مع تحديد مساحة الاستقلالية الكردية بالفدرالية.
المشكلة ـ الأساس التي تعطل هذه التسويات المطلوبة: الافتقار إلى قيادات تاريخية في أرجاء هذه المنطقة بعنوان مصر..
لا بد من مصالحة تاريخية بين السنة والشيعة، سياسياً.. خصوصاً وأن الجميع يدركون أن الانقسام ينذر بأن يتحول إلى خصومة دائمة مؤهلة لأن تفجر المنطقة بحروب لا تنتهي..
وإيران مطالبة بدور تاريخي: أن تكون صديقة العرب كعرب، لا كطوائف.. وأن تتجاوز رابطة الطائفة إلى رابطة الدين، والأهم رابطة المصالح، فلها مصالح مشروعة في المنطقة لن تحميها طائفة واحدة، بل يحميها أن تتعامل مع العرب كعرب، وليس بواقعهم الراهن بل بوجودهم الدائم بوصفهم أهل البلاد، وبطموحاتهم إلى مستقبل أفضل، كالذي حققته إيران بالثورة.
أما تركيا فقد انزلقت إلى موقع الخصم، وربما العدو القومي، بشهادة علاقتها الوثيقة والتي لم تنقطع يوماً بل ولم تضعف، مع العدو الإسرائيلي: لماذا تريد تركيا قاعدة عسكرية في قطر التي سبقت فانفردت بعلاقة خاصة مع عدو العرب أمس، واليوم وغداً.. إسرائيل؟
لنتفاءل، برغم المحن... وليكن عامنا الجديد أقل بؤساً من سابقه.
نقلاً عن "السفير"