توقيت القاهرة المحلي 15:15:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من نِعَم الله عليك أنك بلا رئيس للادولة!

  مصر اليوم -

من نِعَم الله عليك أنك بلا رئيس للادولة

طلال سلمان

... وماذا أن يكون وطنك الصغير بدولته المتهالكة من دون رئيس للجمهورية؟
هي ليست المرة الأولى التي تواجه حالة كهذه... بل إن هذه الحالة قد تكررت غير مرة، حتى لقد قاربت أن تكون هي بالذات «القاعدة» الطبيعية وما عداها استثناء... راجع تاريخك القريب وعجائبه: إما رئيس ممدد له خارج الأصول، وإما فراغ في السلطة.. داخل الدستور!

ثم.. انظرْ حولك إلى البلاد التي فيها رؤساء للجمهورية في غياب «الجمهورية» وانفراط وحدة الشعب بحيث لم تعد ميزة للبنان أنه دولة صغيرة بشعوب عديدة متحاربة أو متأهبة لحروب آتية لا تهز «الكيان» الصامد أبداً، والنظام الذي قد يغيّر في دولته وفي مجتمعه ولكنه لا يحول ولا يزول مهما تعددت المحاولات التي قد تتخذ أشكال الانتفاضات أو مشاريع الثورات التي سرعان ما تتحول إلى فتن!

.. وماذا أن تكون دولتك البلا رأس بلا حكومة، وبالتحديد حكومة قادرة وفاعلة وجامعة ومؤهلة لإنجاز مهمتها؟!

انظرْ حولك... في معظم البلاد العربية حكومات قد يتجاوز عديد وزرائها الأربعين، لكل حقيبته المتخمة بالمشاريع والدراسات والأرقام، لكن الإنجاز صعب إلى حد الاستحالة، إما لنقص في التمويل، وإما لمبالغة في الوعود والتعهدات من قبل أن تتوفر الإمكانات، أي الأموال، لأن «الدول المانحة» لم تلبّ نداء الاستغاثة، أو لأن «أصحاب النخوة» قد أقفلوا آذانهم فلم يسمعوا، أو سمعوا فتجاهلوا النداء ولم يبادروا إلى نثر «الشرهات» و «الهبات» بسخائهم المعهود... ربما لأن الحروب التي اندفعوا يخوضونها جنوباً وشمالاً وفي كل اتجاه قد استنزفتهم أو تكاد!

... وماذا أن يكون المجلس النيابي في إجازة مفتوحة، كلما اقتضت الضرورة الملحة قطعها قطع النواب إلى الأبد إجازاتهم التي قد يتقاضون «بدل سفر» عليها، إذ قد يكلفون أنفسهم إجراء محادثات مع من لا يلزم، لعلهم يجدون حلاً لعقدة «الرئاسة الأولى» المستعصية على الحل، فيؤدوا بذلك مهمة وطنية من الدرجة الأولى تستحق المكافأة بإضافة كلفة السفر إلى المخصصات، ومن خارج الراتب..

ثم انظرْ حولك، فإن وجدت مجلساً نيابياً عربياً يؤدي واجبه التشريعي، كما في بلاد خلق الله ذات الدول بمؤسسات شغالة، حق لك أن تخرج إلى الشارع صارخاً بهؤلاء الذين يدّعون «تمثيلك»، بغض النظر عن رأيك: طلعت ريحتكم!! حلّو عنا!.. ثم تذهب إلى بيتك مرتاحاً إلى أنك قد أديت واجبك الوطني وحق لك أن تخلد إلى.. النوم!

ما أطمعك! تريد أن يكون النظام في خدمتك، وهو قد فُرض عليك من دون أن تُستشار فيه. ثم إنه «نظام حر»، فتصرف... فإذا كان «التصرف» من حق الأقوى، فالتحق به، وهكذا يمكنك أن تتنعم بعطاءاته، أما إذا كابرت ورفضت هذا النظام الديموقراطي الفريد تكون قد أقمت على نفسك الحجة بأنك «مشاغب» وبات سهلاً اتهامك بأنك «إرهابي خطير» و «معادٍ للديموقراطية» و «خارج على القانون مما يهدد الانتظام العام»، وبالتالي فلا بد من أن يُحجر عليك أياماً حتى تتوب، شاكراً رحمة «النظام» لأنك لو كنت في بلد آخر تحكمه قوانين الطوارئ لأمضيت بعض عمرك في السجن بموجب حكم قضائي يشهد «النظام» بعدالته!

ومن قبل، ومن بعد، فإنك لو كنت «مواطناً صالحاً» في دولة من تلك الدول الديموقراطية (الغربية طبعاً) التي تتطلع إلى التشبّه بها لخسرت مزايا نظامك الحر الذي يعتمد ـ فعلياً ـ قاعدة «دعه يعمل، دعه يمر»... وليس العيب في هذا النظام إذا كنت ـ مع الاعتذار ـ لا تعرف كيف تعمل ولا كيف تمر!

اهدأ، إذن، واشكر النظام على نِعَمه، وتمتع بحريتك المطلقة في دولة ليست بدولة، بدليل أنها يمكن أن تعيش بلا رئيس وبلا مجلس نيابي وبلا حكومة... وبلا شعب، فإن لم تهدأ، فسارع إلى استشارة طبيب.. شفاك الله!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من نِعَم الله عليك أنك بلا رئيس للادولة من نِعَم الله عليك أنك بلا رئيس للادولة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon