أولمبياد سوتشي الشتوي 2014

بعد عامين فقط من الأداء الراقي الذي قدمته روسيا في أولمبياد سوتشي الشتوي 2014، فإن الإرث الرياضي الذي يدعو للفخر بات محل خطر كبير، بسبب الادعاءات المحيطة بتورط عدد كبير من نجوم ألعاب القوى في تعاطي محفزات الأداء (المنشطات). وقال وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو: "السيناريو الأسوأ قد يحدث للأسف". وسيحدد الاتحاد الدولي لألعاب القوى، الجمعة، خلال اجتماعه في فيينا، ما إذا كان سيتم استبعاد روسيا من منافسات الميدان والمضمار خلال الأولمبياد الصيفي في ريو دي جانيرو، الذي ينطلق في آب / أغسطس أم لا، حيث ستكون العقوبة المحتملة هي الأولى من نوعها في التاريخ الأولمبي الحديث، الذي بدأ قبل 120 عامًا.
 
وتضررت سمعة روسيا بشكل بالغ بسبب وقائع تعاطي المنشطات، وكذلك أعمال العنف التي اندلعت على هامش المواجهة التي جمعت المنتخب الروسي مع نظيره الإنكليزي، في كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم (يورو 2016)، التي تستضيفها فرنسا، حتى العاشر من تموز / يوليو، ما جعل روسيا مادة خصبة لوسائل الإعلام، قبل عامين من استضافة كأس العالم. وأصبح "موتكو" منفعلاً بشكل غير مسبوق، وقال للصحفيين عقب اندلاع أعمال الشغب في مرسيليا، السبت: "ما علاقة كأس العالم 2018 بما يحدث؟".

 ولسنوات عدة، أصبحت المنشطات من الموضوعات المحظور تناولها في روسيا، ولكن منذ تعرض نجمة التنس الروسية ماريا شارابوفا لعقوبة الإيقاف عامين لتورطها في تعاطي عقار ملدونيوم، الذي بات محظورا منذ بداية العام الجاري، فإن حالة من الهلع انتشرت في أوساط الرياضة الروسية. وكتبت صحيفة "سبورت- إكسبريس" الرياضية الروسية إن الاستبعاد من الأولمبياد سيصنف روسيا رسميًا كدولة "غشاشة".
 
ومن جانبها أوضحت محطة "ماتش تي في" الروسية أن التفوق الروسي في أولمبياد سوتشي 2014، الذي ربما تأثر بالمنشطات، تم نسيانه منذ فترة طويلة، وأن الاستبعاد من أولمبياد ريو دي جانيرو سيكون "مأساة". وأدانت روسيا تجدد المزاعم الموجهة إليها بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق فيما يتعلق بتعاطي المنشطات، حيث وصفت تلك الادعاءات بـ"الافتراء". وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن هذه المزاعم محض افتراءات لا أساس لها من الصحة.
 
ويبدو أن السلاح الأكثر تأثيرًا الذي تمتلكه روسيا هو الانتقاد اللاذع ضد العقوبات الشاملة، فيما نددت نجمة القفز بالزانة يلينا ايسينباييفا، التي لم تتورط في تعاطي المنشطات، بإمكانية فرض مثل تلك العقوبات على بلادها. وقالت "ايسينباييفا"، في مقابلة مع محطة "ار.تي" التليفزيونية: "الرياضيون تعرضوا للإيقاف أيضًا في دول أخرى مثل أمريكا، إنكلترا، ألمانيا، كينيا، وليس لدي أصابع كافية لعدهم".
 
وأضافت: "نحن في روسيا لم نطالب أبدًا أن يتم إيقاف هذه الاتحادات بسبب تعاطي المنشطات بشكل ممنهج". وانتقدت "ايسينباييفا"، 33 عامًا، الفائزة بميداليتين ذهبيتين في الأولمبياد، قرار منعها من المشاركة في الفاعليات الدولية، موضحة بالقول: "لقد خضعت لاختبارات المنشطات على مدار 20 عامًا، وجاءت كل نتائجي سلبية، لا أحد يمتلك الحق في حرماني من المشاركة".
 
ويبدو أن فضيحة المنشطات تعبر عن زيادة الانقسام بين الشرق والغرب، حيث وصف العديد من المسؤولين الروس هذه الادعاءات بأنها افتراء، وبالنسبة لهؤلاء فإنهم يعتبرون المذنبين الحقيقيين يقبعون في الغرب، وأنهم مرتبطون بسلسلة العقوبات التي فرضت ضد روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. وترى محطة "صوت موسكو" الإذاعية أن الفترة الحالية هي الأصعب بالنسبة للرياضة الدولية، منذ مقاطعة أولمبياد موسكو 1980، وأولمبياد لوس أنجليس 1984.
 
وفي رسالة مفتوحة للألماني توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، طالب الاتحاد الألماني للرياضات الأولمبية أن يتم استبعاد جميع اللاعبين الروس المشاركين في منافسات ألعاب القوى، حتى إذا جاءت اختبارات المنشطات الخاصة بهم سلبية، لان في بعض الدول ومن بينها روسيا ليس هناك نظام مراقبة جدير بالثقة ضد المنشطات. وتأمل روسيا أن يسمح الاجتماع، الذي ينعقد في فيينا، الجمعة، لبعض النجوم الروس من أمثال "اسينباييفا" بالمشاركة في ريو دي جانيرو، خاصة وأن تحقيق إنجازات كبرى في الأولمبياد قد يقلل من حده الانتقادات الموجهة لروسيا بسبب فضائح المنشطات.