القاهرة ـ أ.ش.أ
كشف خبراء ومندوبون حكوميون في اجتماع بمقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" أن نحو 33 بالمائة من رقعة التربة الزراعية في العالم تعانى تدهوراً يتراوح "بين المعتدل والحاد" بسبب التلوث العام، والتآكل، ونضوب المغذيات، والحموضة، والملوحة، والتدمّك، والإجهاد، والتلوث الكيميائي.
وذكرت "فاو" ، في بيان وزع في القاهرة اليوم ، أن مؤتمر الشراكة العالمية للتربة أوصى في ختام اجتماعاته في روما بإقرار خطط عمل دولية لوقف التدهور المتصاعد للتربة على الصعيد العالمي، محذرا من أن ثمة ضرورة عاجلة لاتخاذ إجراءات تُعني بتحسين صحة موارد التربة المحدودة في العالم ووقف التدهور المتفاقم للأراضي، إذا كان للأجيال القادمة أن تحصّل ما يكفيها من إمدادات الغذاء والمياه والطاقة والمواد الخام.
وأيدت الشراكة العالمية للتربة (تضم مجموعة واسعة من أصحاب المصالح الحكومية وغير الحكومية)، سلسلة من مخططات العمل في مؤتمرها العام بمقر منظمة "فاو" في روما اليوم لحماية موارد التربة التي توفر الأساس للإنتاج الزراعي العالمي.
وتشمل التوصيات الصادرة عن مؤتمر الشراكة العام تنفيذ جملة تنظيمات قوية ورصد استثمارات موازية لها من قبل الحكومات، ضماناً للإدارة المستدامة للتربة وعلى نحو يساهم بفعالية في القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي والفقر.
وقالت الخبيرة ماريا هيلينا سيميدو، نائب المدير العام لمنظمة "فاو"، إن "التربة هي الأساس لإنتاج الغذاء والأعلاف والوقود والألياف... وبدونها لا يمكننا أن نضمن الحياة على وجه الأرض؛ وحيثما تُفقَد التربة لا يمكن تجديدها وفق جدول زمني بشري، ولذا فإن تصاعد المعدل الحالي لتدهور التربة يهدد قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها".
وأضافت، "وهذا هو الدافع وراء إقرار خطط العمل العالمية للاستخدام المستدام للتربة وحمايتها كإنجاز رئيسي، لكننا لا يمكن أن نتوقف هنا، ونحتاج إلى التزامات من البلدان والمجتمع المدني بغية تحويل المخططات إلى إجراءات وهذا يتطلب إرادة سياسية واستثمارات لإنقاذ موارد التربة الثمينة التي يعتمد عليها إنتاجنا من الغذاء".
وحذر الخبراء في الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام من أن نطاق التربة المنتجة في العالم محدود، وتواجه التربة ضغوطاً متصاعدة بفعل مختلف الاستخدامات مثل زراعة المحاصيل، وأنشطة التحريج في الغابات، والمراعي الحيوانية بشتى أشكالها، والتوسع الحضري، وكذلك إنتاج الطاقة، واستخراج المعادن.
وتشكل التربة ما لا يقل عن ربع التنوع البيولوجي الحيوي على صعيد العالم، وتلعب دوراً رئيسياً في توفير إمدادات المياه النقية ودعم القدرة على التكيف المرن لأحداث الفيضانات والجفاف، وتعتمد الحياة النباتية والحيوانية اعتماداً حاسماً على إعادة تدوير المغذيات الأساسية من خلال العمليات الطبيعية للتربة.
بينما تتيح بعض أجزاء من إفريقيا وأمريكا الجنوبية مجالاً ممكناً للتوسع الزراعي وفقاً لمنظمة "فاو"، إلا إن النمو السكاني العالمي المتوقع أن يتجاوز 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050 (مما سيؤدي إلى زيادات نسبتها 60 بالمائة في الطلب على الغذاء والعلف والألياف) سوف يلقي بمزيد من الضغوط على موارد التربة المتاحة وفيما يفوق التوقعات المقدّرة.
وتنعكس الأضرار التي تلحق بالتربة على سبل المعيشة، وخدمات النظم الايكولوجية، والأمن الغذائي، ورفاهية الإنسان سواء بسواء.
وإذ تتأثر التربة بتغير المناخ، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تفاقم سياقه الجاري، وعلى سبيل المثال، يمكن للإدارة المستدامة لموارد التربة أن تؤثر إيجابياً على تغير المناخ من خلال امتصاص الكربون والحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وكذلك من خلال التخفيف من سياق التصحر الجاري في بعض المناطق.
وتشدد الشراكة العالمية للتربة، التي تضم مجموعة واسعة من أصحاب المصالح الحكومية وغير الحكومية المعنية تحت إشراف منظمة "فاو"، على الحاجة المتزايدة من جانب الحكومات للحفاظ على التربة وتخصيص الاستثمارات اللازمة لها وبهذا الهدف بالذات ُأعلِن عن إنشاء مرفق جديد لسلامة التربة وصونها.
وقرر مجتمع التربة العالمي إرساء برامج دولية لتعزيز الإدارة المستدامة للأراضي، وحفظ التربة واستصلاحها، وينبغي أن تستند التدخلات إلى تطبيق تكنولوجيات ملائمة وسياسات مستدامة وشاملة للأطراف بحيث تضمن المشاركة المباشرة من جانب المجتمعات المحلية في الإجراءات اللازمة لصون التربة وعلى وجه التحديد، ثمة حاجة واضحة إلى منح الأولوية لحماية أنواع التربة العضوية الغنية بالكربون وإدارتها، ولا سيما أراضي الخث ومناطق الجليد الدائم.
وسيجري إنشاء نظام معلومات عالمي للتربة لقياس التقدم المحرز وتقدير حالة موارد التربة، وعلى اعتبار أن ثمة حاجة ملحة إلى التوعية والتثقيف والإرشاد في مجال التربة، فمن المقرر تنفيذ برنامج خاص لتنمية القدرات في هذا المجال والمنتظر أيضاً أن يصدر تقرير لحالة موارد التربة العالمية، للمرة الأولى كدراسة رائدة، في 5 ديسمبر 2015.
يذكر أن الأمم المتحدة أسمت تاريخ 5 ديسمبر يوماً عالمياً للتربة، وعام 2015 سنة دولية للتربة.