التلوث

يبدو أن البشر قد أنجزوا “مهمة” تلويث الأرض وأنهارها ومحيطاتها وغلافها الجوي على نحو شامل ودقيق، بحسب الصحفية راشيل نوير. لكن السؤال يبقى: هل هناك أي بقعة لم يمتد إليها التلوث على وجه هذا الكوكب؟

في وقت ما، وفي الفترة ما بين 1.8 مليون و12 ألف سنة في الماضي، أتقن أسلافنا عملية إشعال النار.

وفي أغلب الأحيان، يعتبر الباحثون في الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) هذا الحدث بمثابة الشرارة التي أتاحت لنا الفرصة لكي نصبح بشرا بكل معنى الكلمة، إذ أن ذلك منحنا الوسائل اللازمة للطهي وللحفاظ على أن تتمتع أجسادنا بالدفء، وكذلك السبل التي مكنتنا من صناعة الأدوات المختلفة.

ولكن تعلم كيفية إشعال النار مثّل تطورا مهما آخر بالنسبة لنا، ألا وهو “اختراع” ظاهرة التلوث الناجم عن أنشطة الإنسان المختلفة.

وبحكم تعريفه، يتمثل التلوث في إدخال شئ ما على البيئة من شأنه الإخلال بنظامها على نحو مؤذٍ وضار.

وفي الوقت الذي تنجم عن الطبيعة، في بعض الأحيان، ملوثاتها ذات التأثير المدمر؛ من قبيل حرائق الغابات التي تؤدي لتصاعد سحب الدخان والرماد، وكذلك البراكين التي تقذف بالغازات السامة في الجو، فإن للبشر نصيب الأسد من المسؤولية عن ظاهرة التلوث التي يُبتلى بها كوكبنا في الوقت الحاضر.

فعلى ما يبدو، نتمتع نحن – البشر – بموهبة ترك مخلفاتنا وقمامتنا خلفنا أينما نذهب. فحتى إذا ما قصد المرء البقاع الأكثر نأيا وبعدا على وجه الأرض، سيكون بوسعه رصد ذلك بنفسه على نحو مباشر.

فإطارات السيارات الممزقة، والقارورات البلاستيكية تتناثر على مساحة واسعة من صحراء غوبي، مترامية الأطراف الواقعة في الجزء الشرقي من وسط آسيا.

كما أن الأكياس البلاستيكية تطفو فوق التيارات المائية في قلب المحيط الهادئ، بالإضافة إلى أن أسطوانات الأكسجين المستخدمة والفارغة، وأيضا مياه الصرف الصحي تلطخ وتشوه الثلوج على قمة جبل إيفرست.

وبرغم ذلك، لا يزال العالم مكانا فسيحا. فهل هناك بعض المعاقل الأخيرة الخالية من التلوث الذي صنعناه بأيدينا؟

الإجابة على هذا السؤال ربما تكون أكثر دقة إذا ما قسّمنا النظام البيئي إلى أربعة عوالم مختلفة: السماء، الأرض، المياه العذبة أو النقية، والمحيطات.