الخرطوم _مصر اليوم
لم يجد السودان غير الدعوة إلى مساعدته في القضاء على شجرة المسكيت التي استوردها لمكافحة الزحف الصحراوي، قبل أن تصبح هي نفسها مشكلة بحاجة إلى مكافحة.
وتغطي شجرة المسكيت نحو 60% من مساحة مشروع القاش بشرق السودان، إلى جانب مساحات واسعة من مشاريع أخرى وسط وشمال البلاد.
وتعتبر ولاية كسلا شرقي السودان من أكثر الولايات تأثرا بانتشار شجرة المسكيت التي باتت تهدد المشاريع الزراعية والإنسان والحيوان، إذ تنتشر في أكثر من 700 ألف فدان من الأراضي الصالحة للزراعة شرقي البلاد.
انسجام مناخي
وبينما يجري العمل على مكافحتها في “مشروع الجزيرة” وسط البلاد، نجحت ولاية نهر النيل في الشمال في إزالة نحو أكثر من 60% من مساحة انتشارها.
وتقاوم شجرة المسكيت جميع الظروف المناخية القاسية من الجفاف والتصحر، مما جعلها الأكثر انسجاما مع طبيعة العديد من مناطق السودان، لتصبح الخيار الأمثل لتشكيل حزام حول الأراضي الزراعية والتجمعات السكانية المتناثرة في أنحاء متفرقة من البلاد.
أستاذ علم الحشائش في كلية الزراعة بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عبد الجبار الطيب رأى أن الاستخدام الخاطئ للشجرة قاد إلى الأضرار الفادحة الحالية.
وقال الطيب للجزيرة نت إن زراعتها في السودان مناسبة لظروفه المناخية، وكان القصد من زراعتها حينئذ صنع أحزمة شجرية حول المدن والقرى، مشيرا إلى أن استمرار زراعة الشجرة طوال الفترة الماضية دون معرفة حقيقية بمضارها سبّب الكثير من المشكلات الزراعية.
فوائد للمسكيت
ورأى الطيب وجود فوائد للمسكيت تفوق مضارها، إذ يمكن الاستفادة منها في حطب الوقود والزينة والفحم والأعلاف والخشب والعسل الصناعي، لافتا إلى عدم الاستفادة من الشجرة بالشكل الكامل مع التباطؤ في مكافحة انتشارها بالأراضي الطينية.
ويؤكد الطيب أن عدم مكافحة الشجرة عند ظهورها في أي رقعة زراعية يؤدي إلى انتشارها وتحولها إلى غابة خلال سنوات معدودة، مطالبا بتعميم تجربة مشروع “حلفا” الجديدة الزراعية شرقي البلاد في إزالة المسكيت “بعد إصدار إدارة المشروع قانونا يلزم المزارع بمكافحة انتشارها في نطاق أرضه”.
أما خبير الإرشاد الزراعي والإعلام بوزارة الزراعة السودانية بشرى حبيب الله فيؤكد أن “مكافحة المسكيت كلفت وتكلف السودان أموالا طائلة لأن طبيعة الشجرة تصعب من عملية مكافحتها وإزالتها بالكامل”.
وكشف حبيب الله عن جهود ضخمة تبذل في مكافحة الشجرة بسبب تهديدها لمشاريع زراعية أخرى.
متى ولماذا؟
ويرى حبيب الله ضرورة التعامل مع المسكيت بوعي يحدد متى وكيف تكافح ولماذا تكافح، مشيرا إلى “الحاجة لوجودها في الأراضي الهامشية الصحراوية لأجل إيقاف الزحف الصحراوي والمحافظة على النباتات الرعوية وتوفير الفحم والأخشاب”.
وينفي في تعليقه للجزيرة نت وجود موقف حكومي سلبي تجاه شجرة المسكيت، مؤكدا إدراك الحكومة لمخاطر انتشارها في الأراضي الزراعية ووعيها بأهمية وجودها في الأراضي الصحراوية.
وحذر الأمين العام لاتحاد مزارعي السودان عبد الحميد آدم مختار من تحول المسكيت إلى آفة تهدد الأراضي الزراعية على المستوى القومي “في ظل ضعف الميزانيات المرصودة لإزالتها”.
ولفت مختار في حديثه للجزيرة نت إلى الأضرار الفادحة التي سببتها شجرة المسكيت في ولايات شرقي السودان، مشيرا إلى أنها ما كانت لتلحق أذى بالأراضي الزراعية والمزارعين “لو تم التعامل معها بشكل سريع وحاسم”.
وطالب الحكومة بسرعة التحرك للتعامل مع خطر المسكيت ورصد ميزانيات أكبر لحماية الأراضي الزراعية من أخطارها، والعمل على تنسيق الجهود بين مختلف أطراف العملية الزراعية في التعامل معها.